JavaScript is not enabled!...Please enable javascript in your browser

جافا سكريبت غير ممكن! ... الرجاء تفعيل الجافا سكريبت في متصفحك.

-->
Home

رواية قاسٍ ولكن أحبني٣(الخامس عشر والأخير)


 الفصل الأخير


بعد مرور عام من الأحداث السابقة..


مرت سنة على حال سماح وهي شاردة الذهن..منذ طلاقها لم تبكِ لم تصدر اي ردة فعل، سوى الشرود فقط لم تأبه للعتاب أو اللوم الذي وقع على عاتقها من عائلتها..اكتفت بالصمت فقط


بينما أصرت والدتها على العودة للإسكندرية مره اخرى

ليرضخ والدها خاصة بعد الفضيحة التي سببتها بهروبها من زوجها وإنتشار الأخبار في انحاء البلدة


جلست والدتها جوارها في الشرفة لتقول بجدية

-وبعدين ياسماح


-وبعدين ايه ياماما


-وبعدين في حالك يابنتي..ايه ساكتة مبترديش يعني

بردو هتعملي الي في دماغك وهتشتغلي !


تنهدت سماح بيأس من الجدالِ الذي لا ينتهي لتقول..


-ماما ميعاد المقابلة بتاعة الشغل بعد نص ساعة..انا مش هحط ايدي على خدي واعيط..طلاقي كان الصح..ومش هوقف حياتي يعني عشان اسمي مطلقة


وقفت والدتها لتقول بضيق..

-المرادي هسيبك تعملي الي عايزاه ياسماح عشان متقوليش اننا ظلمناكِ


صمتت كعادتها واتجهت الى غرفتها لتستعد لبداية عمل جديد..اضربت عن الزواج تمامًا، هدفها الجديد هو العمل بشهادتها لا تريد اي شئ سوى اثبات انها قادرة على العيش وحيدة...يكفيها ما عانته


ارتدت جيب رمادي وسترة بيضاء وحجاب رمادي ثم نظرت لوجهها الذابل في المرآه وهي تبتسم بحزن..عامين كانوا قادرين على تغييرها تمامًا

بل ثلاث رجال كانوا سببًا في ماهي فيه الآن


تنهدت بقوة قبل أن تأخذ حقيبتها وتخرج من منزلها تحت نظرات والدتها الحزينة..ترى حزنها وحسرتها كلما نظرت لعينيها..ولكن ماالحيلة !


اتجهت الى شركة مقاولات صغيرة قد نشأت منذ عامين..تحدثت معها صديقتها المقربة نهى عن العمل لتقرر فورًا التقديم عساها تنشغل بشيء آخر غير ذكرياتها البائسة


وصلت سماح الى الشركة وهي تتنفس ببطئ داعية ربها أن تُقبل في عملها كموظفة حسابات

سارت في الممر الكبير لترى شاب جالس أمام مكتب يتابع عمله بإهتمام.


تنحنحت سماح لتقول برسمية...

-مساء الخير


انتبه لها الشاب ليجيب تحيتها فورًا..

-مساء النور اتفضلي


-انا كنت جاية اقدم على وظيفة المحاسبة..انا اتصلت وحد قالي على ميعاد انهاردة


حرك الشاب رأسه بإيجاب ليقول لها..

-اتفضلي معايا للمدير عشان المقابلة


سارت خلفه وهي تعتصر حقيبتها بتوتر

ليدلف الشاب بها بعد أن طرق الباب الي غرفة مكتب واسعة ويجلس بها شخص يتحدث بالهاتف


تنحنح الشاب ليقول بعد ثوان..

-استاذ حسين دي الأستاذة الي اتصلت عشان وظيفة المحاسبة وميعاد مقابلتها انهاردة


رفع حسين نظره ليجدها امامه تنظر له بتفاجئ..لم يحتاج للتعرف على اسمها  يعرفها جيدًا ...او أكثر من الجيد

حدق بعيناها ليجد نظرة حزينة مليئة بالدهشة...والحنين


طال الصمت في الغرفة ليبتسم حسين ابتسامتة البشوشة التي لم تراها لعامين ليقول..


-اتفضلي اقعدي..


-روح كمل شغلك ياعمرو


غادر الشاب ليعم الصمت مره اخرى ليقول حسين بنبرة جادة باسمة..


-ازيك عاملة ايه !


اجابت بصوتٍ ضعيف وعقلها يحثها على الهرب في الحال..

-الحمدلله تمام


-دايمًا.. المهم دلوقتي انا عارف انك درستي تجارة..هتتعيني في الحسابات وهتدربي وبعد كدا نمضي عقد شغلك بس بعد مانشوف انتِ قد الوظيفة او لا


حاولت اخفاء تلك الدموع التي تلتمع في عيناها ولكن فشلت فشل ذريع لتهبط دمعه على وجنتيها وتمسحها سريعًا وتتبعها أخرى واخرى الى أن خرجت عن السيطرة


دُهش حسين من بكائها المفاجئ ليقف سريعًا ويجلس على المقعد المقابل لها ليقول بقلق..


-انا قولت حاجه غلط..في ايه ياسماح


هزت رأسها بنفي وهي تمسح دموعها سريعًا ليقول..

-طب بتعيطي ليه


انفجرت بالبكاء وهي تتذكر رفضها له وما حل بها بعده..لم يحبها احد كما احبها ولكن بكل غباء ركلته بعيدًا عنها..وهي الآن تبكِ بحسرة كلما نظرت له

وضعت كفيها على وجهها وظلت تبكِ بإنهيار كتمته لعام كامل دون أن تذرف دمعه..والآن تفجر كل حزنها على هيئة بكاء عالٍ وكأنها فقدت عزيزًا !


زاد قلقه ليردد بإلحاح..

-في ايه يامدام سماح مالك


رفعت له عيناها لتقول بنبرة ضعيفة 

-مش مدام..متقوليش مدام 


عقد حاجبيه بدهشة..سمع سابقًا أنها تزوجت في الصعيد

ألم يتم زواجهم أم أنها..


- انا مطلقة..


حرك رأسه بفهم ليبتسم مواسيًا..


-بتحصل في أحسن العائلات..يبقا خلينا في كلمة أستاذة


نظرت لترى يده فارغة وكانت نظرتها كإشارة للسؤال

ليقول بعد تنهيدة حارة خرجت من أعماق قلبه ونظرة عاتبة


-وانا لسه متجوزتش


لحظات صمت وهما يحدقان ببعضهم بحنين وعتاب واسف...ليتدارك حسين نفسه ويغض بصره عنها..لتخفض رأسها بخجل وتلوم نفسها على بكائها المثير للشفقة


وكلاً منهم كان عقله يعمل بأفكار شبه متطابقة

والف حكاية وأخرى تفتح في قلبيهما من جديد لعل لم يكن هناك خيرًا في الماضي..ليصبح كل الخير في الحاضر

لتبدأ حكايه نُسجت من نهاية أخرى خاصة أن حسين لازال الحنين يحركه الى تلك الباكية أمامه ليتنهد باسمًا وهو يُدرك أن رسائل الأقدار يجب ألا يتجاهلها..ودعواته التي طالما رددها بيأس تجسدت أمامه


لذا طرق بقلمه على المكتب عدة طرقات رتيبة وهو يفكر..الآن ستكون أمامه في عمله..وغدًا ستكون في منزله..كـ زوجته كما تمنى مطولاً


لينتبه على صوت سماح التي تحدثت بخفوت..

-هو انا كدا اتقبلت صح


حرك رأسه بإيجاب وداخله يهمس بحنين..


"والقبول خُلق لوجهكِ..فـ كيف لفؤادي المسكين أن يعترض ! "


                                 ***

عروس البحر


الأحد..الساعة الرابعة فجرًا


في وقت صلاة الفجر كان عمار ينظر لمنة بحنق وغيظ يكاد يفتك بها ليقول بصوتٍ منخفض حاد..


-تصحيني تطلب الطلاق وتنام بعد كدا

يابرودك ياشيخة....اقسم بالله هنام ولو صحتني ليومها أسود


تسطح واغلق عينيه بغيظ ليغفل بعدها بنصف ساعة وينعم بالنوم الهنيئ الذي يفتقده منذ أشهر من العذاب والشجار..وكالعادة  بكاء منة من جديد جعله يستيقظ بفزع


ثوان وتدارك الأمر الذي اصبح عاديًا بالنسبة له منذ حملها...البكاء والشچار وطلب الطلاق..ثلاثة لا تتخلى عنهم..تنهد وهو يجز على اسنانه بإرهاق


ليعتدل ويربت على ظهرها بصبر..


-مالك يامنة فيكِ ايه


نظرت له منه نظره حادة لتصرخ بحدة أفزعته

-طلقني ياعمار انت بتخوني


-بخونك! بخونك ازاي يامجنونة انتِ


-حلمت انك بتخوني ياعمار وأنا احلامي مبتكذبش...طلقني طلقني حاااالاً


انتفض من الفراش ينظر لها بغير تصديق ليقول بعصبية..


-لا كدا كتير امبارح كنتِ بتقولي اطلقك لاني عاكست واحدة قبل ما اعرفك بتلات سنين وطلعت صاحبتك..وأول امبارح عشان زعلتك في الخطوبة..وانهاردة حلمتي اني خاين


انا هسيبلك البيت واطفش يامنة كدا كتير

ناقص تجبيلي البوليس وتقولي حلمتي اني قتلتك


خرج من الغرفة وصفع الباب خلفه بقوة

لتمسح دموعها قائلة بحيرة..


-انا كبرت الموضوع ليه..دا مجرد حلم


وقفت لتنظر للساعة لتجدها السابعة صباحا..فركت عيناها بنعاس لتقف وتحضر ملابس زوجها كي يتجهز لعمله


دلف الغرفة من جديد ليجدها جالسة على الفراش وهي تمسد بطنها المنتفخ بشرود 


بدأ يرتدي ملابسه وهو يكاد يموت رغبة في النوم...بينما هي تتابعه بإبتسامه بريئة


اقتربت منه لتعطيه سترته باسمة ليأخذها منها بقوة وغضب من أفعالها الغريبة..لتقف خلفه وتعانقه برقة..


-انا اسفة ياحبيبي متزعلش مني انت عارف تصرفات الحامل وعمايلها


-تقومي تعملي كدا يعني..أنا تعبت يامنة كدا كتير على اعصابي انا والله


عبست مره اخرى قبل أن تصرخ باكية . .

-مبقتش تحبني يا عمار طلقني انت عارف اني تعبانة وزعلان...طلقني انت مش مستحملني طلقني


انتفض من صراخها ليفتح عيناه بدهشة . .

-لا دا مش حمل انتِ ملبوسة...عايزة تطلقي يلا بينا نتطلق


توقفت عن البكاء وحدقت به بصدمة

ليشد خصلاته صارخًا بجنون . .


-الله يخربيتك ، انا بقيت حاسس اجن منك..استغفر الله العظيم

-مبقتش تحبني طلقـــني


جعد جبينه وضغط على أسنانه بجنون...

-اسكتِ بقا اسكتِ أنا تعبت منك


تركها وهي تبكِ بحزن من هجومه

هي لا تعرف ماالذي تفعله رغبة ملحة في البكاء بسبب اتفه الأسباب...ولكن صراخه عليها كان سبب في انهيارها الآن


انكمشت في نفسها وهي تبكي حزنًا منه ومن هرموناتها التي توصلهما دائمًا الى شجار عنيف


ثوان وشعرت بيده تحيط بكتفاها ويجذبها الى صدره هامسًا بتعب..

-أنا أسف ياحبيبتي اني اتنرفزت عليكِ


رفعت وجهها له لتقول بأسى..

-مش بأيدي والله ياعمار، انت وابنك الي جننتوني كانت جوازة سوداء


نظر لها بدهشه قبل أن يضحك على كلماتها ..ليمسد خصلاتها التي ازدات طولاً ..ولكن كانت تعقده دائمًا

تركه لينسدل على ظهرها ويحاوطها على الفراش..ليقبل وجنتها قائلاً..


-خلاص بقا اسف


-أنا عايزة انام


-وأنا اكتر ...يلا بينا ننام


خلع سترته ليتسطح بعدها وتتوسد صدره..اغمض عيناه بتعب ليسمع همسها الذي جعله يود الصراخ من جديد


-يعني انت مبتخونيش ياعمار، الله أمال حلمت كدا ليه


اغمض عيناه بقوة ليربت على ظهرها بخفة وهو يذكر نفسه انه من ورط نفسه بتلك الزيجة..ولكنه يحبها



                              ***


جلست جواره وتمرر يدها بين خصلات شعره الناعم لتقول برقه ودلالٍ خادعين..


-اياد...قوم لشغلك ياحبيبي


اجاب بنعاس وهو يضع الوساده على رأسه..

-ماشي ياحبيبتي ..هقوم  خمس دقايق بس


اختفى دلالها بسبب تلك الخمس دقائق التي لا تنتهي ابدًا عبست بحنق لتقول..


-ايااااد ...كفاية نوم قوم بقا


-ايه ياهند انهاردة اجازة سبيني انام بقا


صرخت به بحدة وهي تجذب ملابسه..

-قوم مش كل مره هتقضي اليوم نوم

قوم اقعد معايا انا ومالك كدا مينفعش 


غاضبة الى الحد الذي يجعله يخشى الخطوة التالية

ليعتدل في جلسته ويحاول طرد النعاس بضيق..

-قمت اهو..نعم


رق صوتها مره أخرى لتقول باسمة..

-قوم ياحبيبي افطر واقعد معانا


فكر سريعًا..إن رفض سيفوت عليه وجبة الفطور وستغضب..وإن وافق سيأكل ويريح رأسه من غضبها

لذا حسم موقفه و قام من الفراش بتكاسل ليذهب الى المرحاض ويغتسل بينما اعدت الفطور سريعًا


ثم اتجهت الى فراش صغيرها لتحمله ضاحكة..

-انا صحيت بابا ياملوكا..شوفت ازاي


ابتسم الطفل وهو يحدق بها بعينيه الزرقاء التي اخذها عن والده لتذكر الله وترفعه لتطبع قبلة كبيرة على وجنتيه..

-هاكله من جماله ياناس حبيبي ملوكا


حاوط اياد خصرها وقبل وجنتها ليقول بعبوس..

-متقوليش ملوكا...دا راجل اسمه مالك


-ملكش دعوة ابني وادلعه زي ماانا عايزة


ابتسم لطفولتها التي لن تتغير

وامسك يدها واتجه الى طاولة الطعام


بدأو يتناولوا الطعام بينما مالك يضحك بين يدي والدته لتقول هند محذرة..


-انت وعدتني هنخرج انهارده


انشغل في تناول طعامه ولم يعيرها إنتباه..لتقول بصوتٍ أعلى..

-ايـــاد


-حاضر ياحببتي هخرجك


ابتسمت برضا ونظرة النصر في عيناها ولكن قتل نصرها في مهده وهو يقف ويقول..


-في المشمش ..انا داخل انام ياحبيبتي


وامسك وجنتيها يشدهم لتتأوه بحدة..


-مفيش راجل بيخرج مراته بعد الجواز ياديدا...اقولك استغلي وقتك واعملي رجيم ياحبيبتي


ثم دلف الى غرفتهم لينام بينما هي تنظر في أثره بدهشة ذاك الماكر ..لتنظر الى صغيرها وتقول بصوتٍ حاقد وبكاء مصطنع..

-منه لله ابوك اخدني لحم ورماني


قاطعها اياد من الداخل بصوتٍ مرتفع

-ورماكي مربربه ياحبيبتي..


اغمضت عيناها بتقول بغضب..

-البيت على الجواز على الي عايزين يتجوزوا وخصوصا زيك يااياد


بكي الطفل بين يديها لتقول بإمتعاض..

-خلاص البيت والجواز حلوين...يلا ياخويا اما اشوف أخر الروايات الي نزلت ماهي دي الي مصبراني..الله يرحم كان طول الخطوبة بيلف حواليا ويتنحنح  ودلوقتي مقضيها نوم


                          ***

كانت حياة علي ولهفه مستقرة نوعًا ما

وافقت على الرجوع له بعد توسله لها والاعتذار الكثير الذي حاوطها به ليرضخها قلبها المحب وتوافق فورًا


اعترف علي لنفسه أن الحب ليس كل شىء..ولكن لهفة مقتنعة أن الحب أساس الحياة دائمًا وابدًا


تحاول كسب قلبه رغم أن قلبها مازال يتألم من حبه لغيرها...تعلم انه تناسى سماح لسبب تجهله..ولم تهتم بالسبب يكفيها انه اخبرها انه انفصل عنها ولم يقل اي حرف اخر وفضل الصمت..واحترمت هي صمته


ولكن كلما رأت فتاة تمر جواره تنظر اليه لترى إن كان ينظر لها أو لا...هل احبها من نظرة واحدة كما حدث سابقًا..هل سيتزوج عليها اخرى


ولكن كل مخاوفها تتلاشى عندما تلاحظ جمود عينيه وانه لم يراها حتى.. ولكن هاجس انه سيتزوج عليها من جديد ألمها..وكلما تذكرت حبه الشديد لسماح تتألم أكثر


وحين ينشب خلاف بينهم بسبب غيرتها..تُذكره بما فعله

وهي منهارة..ليجلس جوارها ويعتذر للمره المليار على ما فعله


يعانقها ويهدهدها كطفلة باكية..وتتمسك في في ملابسه وتبكِ ترجو حبه وقربه..ترجو ألا يكسرها من جديد ويطفئها تطالبه بالكثيـر وهو يعانقها بصمتٍ ووجوم


عوضها عن حبه لغيرها واهتم بها رغم انه يشعر بشكها الدائم نحوه ولكن لا بأس يعذرها..ويحاوطها بإهتمامه

لكي تنسي ما مضي..


ربما لا يحبها ولكن يرتاح معها وتستقر نفسه لها.

اقسم داخله على أن الاحترام والمودة والرحمة..ابلغ من الحب بكثير..الحب مشاعر تضعف المرء كما ضعف هو مع سماح ولن يكررها أبـدًا


اما لهفة فلها كل الحنان والرفق فربما لم يكن هناك حب بينهمـاولكن يكفي أن حياتهم مستقرة هادئة

وهذا ما يريحه...وهي تمني نفسها انه سيقع في حبها الأن او بعد حين ستدخل الى قلبه بقوة مقاتل والى وقتها

ستبقى حياتهم خالية من الحب..


                          ***

                    غيــث الــشــهد..


مرت الأيام بينهم هادئة مُحبة..لا تخلوا من تدخلات الحياة..تارة غضب وتارة رقة

علاقتهم كأمواج البحر ولكن في الغالب تلك الأمواج مستقرة..


كانت شهد طفلته المدللة الى أن انجبت له نسخة اخرى منها ليعشقها فوق عشقه ملايين المرات..انجبت له ملاك

تلك التي يطابق اسمها وجهها ..تشبه والدتها في لون خصلاتها وعيناها واخذت هدوء والدها وحنانه


لتصبح مزيج من الجمال والعشق

أما غيث فجعل شهد امرأة اخرى...لتخرج المراهقة والطفولة والنضج امامه فقط

فتاته وزوجته وحبيبته ..الذي يهمس لها كل صباح بكلمات عشقه لها..وتعلم لغة الحب لإجلها... ليرددها لها

لتكثر سعادتها بوجوده وبوجود ابنتها..ورغم ذالك لم ينسَ زوجته الراحلة..ولم يكف عن الدعاء لها والإتيان بإسمها بين الحين والأخر..وهذا ما يحزن شهد في بعض الأحيان


كتبت في دفترها


"الحياة تربت على قلوبنا بأشخاص لطفاء رحماء..يسقون أرض نفسنا القاحلة..لتُزهر ويعم الربيع بعد شتاء طويل

الندوب لا تختفي ولكن تلتئم..الأسى لا يُنسى ولكن نتجاهله..أما السعادة فهي أملنا الجديد

وسعادتي عنوانها غيـــث


لكل شخص نصيب من اسمه وغيث أخذ نصيبه كاملاً

وكان غيثًا لحياتي اليابسة..كان قطرات المطر المنهمرة على امرأة احرقتها الدنيا وشوهتها..ليأتي حنانه بلسمًا على جروحي وألمي..انا أحبه وسأظل أحبه

حتى إن كنت لست الوحيدة في قلبه..ولكنه هو الوحيد في قلبي وحياتي وذاكرتي..غيثي أنا "


نظرت للدفتر برضا واغلقته لتشعر بذقنه على كتفها ويده تحاوطها ليقول بصوتْ هامس وهو يقبل عنقها..


-وحشتيني


كقطة ناعمة حركت وجهها على صدره تبادله عناقه هامسة

-وانت كمان وحشتني


نظر لدفترها الذي بات يلازمها مؤخرًا ليقول..

-بتكتبي ايه !


-بكتب قد ايه بحبك


ابتسم بعبث وهو يبعد خصلاتها عن جبينها قائلاً..

-بتحبيني اد ايه بقا


اجابته تلك الاجابة الطفولية التي يسمعها منها بكثرة..

-قد البحر والسما والنجوم


-وانا بحبك انتِ وملاكي


تنهدت بتعب حينما تذكرت إبنتها الباكية بفعل ظهور أسنانها ومدى ألمها..

-ملاكك نايمة من بدرى


ابعدها عنه ليقول باسمًا..

-طب يلا روحي اعملي قهوة..وتعالي نقعد في البلكونة شوية قبل ماتصحى تاني


حركت رأسها بحماس لتتحرك سريعًا لتعد القهوة فهي تنتظر ذاك الوقت الذي يجمعهم في احضان بعضهم تحت السماء


ثوان و اعدتها ودلفوا الى الشرفة..ليجلس على المقعد المهتز وتجلس هي على قدميه ورأسها يستكين على صدره..لتروي له تفاصيل يومها واحدة تلو أخرى


ورغم تفاهة ماتقوله إلا انه يتفاعل معها في ضحكها وجديتها...وهو يداعب خصلاتها بحنان..ليفعل المثل ويروي ما عاشه في يومه دونها


لتتنهد وتضع وجهها في عنقه هامسة...

-غيـث


غمغم ويده تعبث في خصلاتها لتستكين لتهمس من جديد...

-انا بحبك من أول يوم شوفتك فيه

وخاطرت ووافقت على الجواز منك رغم اني معرفكش

ورغم اني مش متهورة..انا بحبك من زمان


إبتسامة رقيقة نمت على ثغرها لينخفض لأذنها بصوتٍ اجش...


-وأنا كمان وإلا مكنتش خاطرت اعرض الجواز على واحدة لسه خارجة من التخشيبة طازة


ضحكة ناعمة خرجت من شفتيها الندية ثم تُطبع على ذقنه شاكره..ناعمة بكل شيئ حتى قبلاتها التي تنشرها على صفحة وجهها وهو مستسلم بكل رحب..وحب


لتنتهي امسيتهم بكوبان قهوة واحاديث عادية وقلبان يخفقان بالحب ...واخيرًا كلمات فيروز الناعمة التي تلاطف اذنيهما كعصورة تغرد في حقل الزهور


"انا لحبيبي وحبيبي الي..ياعصفور بيضا لا بقا تسألي

لا يعتب حدا..ولا يزعل حدا انا لحبيبي وحبيبي الي

حبيبي ندهني قالي الشتا راح..رجعت اليمامة

انا على ندي وصباح بعيونك ربيعي نور وحلي "


                               ***

"حينما يأتي الزواج من الباب، يهرب الحب من النافذة"


مقوله سمعتها مرارًا تُشير أن الحب ينتهي بعد الزواج

ولكن في حالتها هي كلما مر يوم وهي معه يزداد جنونه بها .. شغفة لا ينتهي وعطائه لا ينضب، ومازال عشقه وتملكه لها كما هما..وهي لا تمانع إن كان ذاك العشق خالِ

من الإهانة والألم


مر عام وكل صباح يغرقها بقبلاته وغزله..وفي الليل ينام على صدرها ويخبرها اي مدى يعشقها ويخشى فراقها

لم تخلو أيامهم من الغضب وجنون الغيرة وبكائها

ولن يتدارك الأمر ويعود معتذرًا كطفلٍ صغيرٍ يخشى حزن والدته..يعتذر على غضبه وعصبيته لترضى وتبتسم

وتبادله عناقه غير عابئة بدموعها التي زارت وجنتاها بسببه


كانت جالسة مع "سيدرا " التي بلغت العامين ونصف.. كانت الطفلة تعبث بألعابها وهي تتحدث بكلماتٍ طفولية غير مفهومة، أما "تقى" كانت شاردة بأعوام مضت وهي معه

وكل يوم يتضخم قلبها حبًا له..بسمة محبة ارتسمت على ثغرها وهي تتذكر حديثهما منذ أيام


حينما كان نائم على صدرها بصمت وهي تستند بظهرها للفراش تعبث في خصلات شعره برقه لتقول مازحة..


-افرض يا "أدم "إن كل دا حلم وانت صحيت واتفاجئت اني مش موجودة اصلا هتعمل ايه !


توقفت أنفاسه ثوان..ليقول بعدها بجدية بعيدة كل البعد عن المزاح..


-هقوم من النوم وهروح لرسامة محترفة ترسم ملامحك كويس اوي زي ماهكون فاكر، وهاخدها وهخلي كل شخص اعرفه يدور على بنت بالمواصفات دي واسمها "تقى" لحد ما اجيبك


تحدثت بدهشة من تفكيره الغريب لتقول..

-بس انا ساعتها هبقى مش عرفاك، والمنطقي اني مش هقبل بكلامك المريب دا


عبس من الحديث الذي بات لا يروقه ليقول..


-ساعتها هعيش معاكِ كل حاجه عدت

هتجوزك غصب عنك..وهيعيد كل حاجه حصلت بينا...ماعدا حاجه واحدة


-ايه هي


امسك يدها وقبلها بعاطفة صادقة مغمغمًا..

-مش هضربك ...كنت هعمل كل حاجه عشان تحبيني...ماكنتش هخليكِ تحبيني غصب عنك ابدًا


مسحت على وجنته برقة..ثم فكت تجعيد جبينه بأصابعها هامسة بحنان لامس قلبه..


-انت كشرت كدا ليه بس، انا مسمحاك على كل حاجه عدت طالما مش هنكررها تاني وكمان بحبك أكتر من الأول..زي ماانت بتحبني بالظبط، مش انت كل يوم هتحبني أكتر !


انزل جسدها له أكتر ليدفن وجهه في عنقها هامسًا..


-انا مهووس بيكِ يا "تقى"..انتِ جنوني عشانك انتِ بس ممكن اعمل اي حاجه، بسببك ممكن اعيش طول عمري سعيد، وبسببك ممكن اعيش تعيس


غامت عيناها بعاطفة صادقة لتقرص وجنته بخفة مرحة

-يعني مفيش واحدة هتدخل قلبك غيري !


رأت إبتسامته الساخرة يعقبها صوته الهادئ..

-سؤال غبي بس هرد عليه

مفيش لا قبلك ولا بعدك ياحورية


....


شعرت بصغيرتها نائمة بين يداها بإرهاق من كثرة اللعب. حملتها لتدلف الى غرفتها وتضعها في فراشها برفق

لتخرك هامسة بضيق


-لا كفايه شغل كدا


ثم اتجهت الى مكتبه المنعزل في منزلهم وفتحته

لتراه منهمك بين اوراقه الكثيرة..ينهيها بتعب واضح على وجهه


اقتربت منه وابتسامه دافئة تغزوها لتقف جواره قائلة

-مش كفايه شغل بقى !


رفع انظاره اليها ليقف ويقبل كفها الذي تدلى على كتفه..

-طالما انتِ جيتِ كفايه شغل


-شكلك مرهق جدًا .. يلا عشان تنام


سار معها خارج المكتب لينظر لساعته ويقول ..

-ماما نامت


-اه نامت وسيدرا كمان فضلت تلعب لحد ما تعبت ونامت


وصلوا أمام غرفة الصغيرة ليقول ..

-طب هدخل اشوفها ثواني


حركت رأسها بإيجاب..ليدلف الى غرفة سيدرا ويجلس جوارها مقبلاً رأسها بحنان بالغ..وهو يدثرها جيدًا ويعبث بخصلاتها هامسًا انها نجمته الجميلة


كانت تتابعه من امام الغرفه وتبتسم بحالمية ..تحبه وتحب اهتمامه بها وبصغيرته ووالدته...تحب حنانه الذي كان يتخفي وراء قسوته وجموده


وجدته يقف ويطبع قبلة أخيرة على جبين طفلتهم ثم خرج اليها..امسك يدها واتجه الى غرفتهم

ليتسطع على الفراش ويمد ذراعه كي تنام عليه


استجابت لإشارته المعتادة قبل نومهم ليقول بخفوت..

-كان يوم طويل جدا


همهمت وهو تمرر اصابعها على صدره لتقول

- وانا قاعدة سرحانة انهاردة فكرت في حاجه كدا


وصلها صوته الناعس وهو يغمغم..

-فكرتي في ايه


-اممم فكرت أكتب رواية لينا من البداية للنهاية..انت عارف اني بكتب خواطر من فترة..ايه رأيك أكتب قصتنا

ثم رفعت وجهها له لتكمل ضاحكة..


-ماهو أصل حكايتنا غريبة جدا 


ضاقت عيناه بتفكير ورأت الرفض في عيناه لتكمل سريعًا..

-بفكر أكتب بإسم مستعار.. يعني محدش هيعرف اني تقى

وبالمره أكتب حكايات الناس الي حوالينا..أصل أنا وهند بنقرأ من زمان فـ هيبقى ناقصلي قواعد لغوية بس

ولو معنديش المالكة هتراجع، ايه رأيك !


لازالت الفكرة مفاجأة له..يرفض أن تعمل وتختلط بالناس وهذا ماعجز عن تقبله ابدًا او التنازل عنه..وهي في المقابل لم تطلب العمل ورأي حبها في كونها ربة منزل

ولكن الكتابة تطلب حضور فاعليات..ومقابلات لمناقشة الرواية مع القراء رجالاً ونساء..كيف سيقبل


- أدم !


همستها الراجية أخرجته من شروده ليعبس برفض قائلاً

-لا مش موافق ولا مقتنع..اكتبي وأنا هكون جمهورك

هقرأ واناقشك و..


ارتفعت لوجهه وثبتته بيدها تقبل كل إنش تقع عليه شفتاها مغمغمة برجاءٍ متدللٍ..


-عشاني..عشان خاطري ياحبيبي، وحيات تقى عندك

انا عايزة أكتب فعلاً وعايزة جدًا..يرضيك لو عندي الموهبة تقتلها كدا


قتلت رفضه فورًا ليبعدها برفق هامسًا..

-طيب اسمعيني..موافق بس اسمعيني


توقفت عن تقبيله أخيرًا تنظر له بعينان متسعتان بترقب

ليقول بجدية وهو يرفع اصبعه يحذرها..


-هتكتي بإسم مستعار زي ماقولتيلي، والفاعليات كمان مش هتحضريها.. ولا المناقشات والندوات والحجات بتاعة الكُتاب دي، انا رافض تحتكِ بأي راجل تمام !


ضحكت بتوتر وهي تعبث بخصلاتها..

-لما يجي وقتها ياحبيبي نتناقش، وبعدين هو أنا هبقى كاتبة كبيرة يعني عشان بحضرولي مناقشات مره واحدة !


نظر لها بغير إقتناع لتنتفض من الفراش بحماس..

-انا كتبت مقدمة ونص فصل تقرأهم !


حرك رأسه بإيجاب لتتجه سريعًا الى دفترها الكبير

وتفر صفحاته ليكتشف انها بالفعل مغرمة بالكتابة..هل من العدل أن يرفض ويراضيها إن حزنت !

أو يقبل موهبتها بصمت ويكون جمهورها وداعمها.


قطع شروده صوتها الناعم وهي تقرأ ماكتبته بتوتر وخجل

" اتهجت الى مقر الشركة وقلبها ينتفض دون توقف..تتمنى لو تُقبل وتبدأ مسيرتها العملية تتمنى لو تُشغل حياتها لتخرج من دائرة الروتين والوحدة..تود أن تعمل بشهادتها وتعب سنوات دراسة طويلة


طال شرودها حتى وقفت الحافلة في شارع يبعُد عن مقر الشركة بعدة امتار..لتهبط منها وتبدأ السير وهواء الشتاء يثير رعشة جسدها الدافئ..ويجعل بشرتها حمراء من كثرة البرودة..إبتسمت وهي تشعر برذاذ الأمطار وقد بدأ في الهطول ويحذرهم بالإختفاء


وقفت أسفل أحد مظلات المحلات المغلقة وضمت يديها الى فمها تنفث الهواء الساخن داخلهما..وعيناها على تلك السيارات التي علقت في زحمة السير..لا تستطيع العبور..ولا حتى المارة يستطيعون العبور


نظرت لإنعكاسها علي أحد السيارات وكانت تتأمل هيأتها بتلك الكنزة الرمادية الثقيلة  والتي تصل الى الركبة..وأسفلها بنطال قماشي أبيض لا يُناسب طين الشتاء

وحجابها الوردي ..لا بأس بطلتها في تلك المُقابلة..أولا وأخيرًا  عليهم أن يأخذو بمؤهلاتها وليس هيأتها


نفثت الهواء أكثر ولازالت تحرك يدها لتجلب الحرارة

بينما عينان تحدق بها من داخل السيارة التي تقف خلفها

ولم تتمكن من ملاحظة تلك النظرات بسبب الزجاج الغير عاكس...ليرفع حاجبه وهو يراها تحدق به بقوة..وكأنها تراه

لتتداخل صورتها مع رذاذ المطر


ولكن تذكر أن سيارته مُغطاه بالزجاج "الفاميه"..إذًا هى تتأمل نفسها..إبتسم ساخرا هامسًا داخلة

"ياللنساء"


بدأ سائقه يتحرك بالسيارة وقد بدأت السيارات بالتحرك وقد حُل أمر زحمة السير...لينظر أمامه ويركز نظره على الطريق


بينما هي عاودت السير وقد هدأت الأمطار

لتُسرع الى الشركة بعدما ألقت نظرة سريعة على ساعة معصمها لتجدها تُشير للتاسعة والنصف"


إنتهت من القراءة لترفع عيناها له بتردد وقلق أن تكون كتابتها لم تلقَ استحسانه..ولكن رأت ملامحه الباسمة

لتهمس بإنفعال..


-ساكــت لـيه قولي رأيك بسرعة


كاد يتحدث ولكن قفزت أمامه تضع كفها على فمه سريعًا بحرج...


-لا لا متقولش رأيك..انا حاسة اني كتبت وحش اوي

وهزعل لو ماعجبكش، امم طب أنا عايزة أعرف رأيك

بص هز راسك لما اسألك عجبك ولا لأ ماشي !


يتابع تخبطها بنظرة متسلية ليحرك رأسه بإيجاب يسايرها

ولازال كفها موضوع على ثغره لتقول..


-الي كتبته عجبك !


بعد ثوانٍ من الصمت وتوترها حرك رأسه بإيجاب لتزفر براحة وتضحك بإرتباك لتقول..


-كمان مره خلينا نعكس..الي كتبته ماعجبكش


مره أخرى حرك رأسه بإيجاب لتتسع عيناها بدهشة 

لتسحب كفها بإنفعال..


-أنت.. أنت لسه قايلي عجبك ودلوقتي بتقول ماعجبكش!


سحب كفها يقبله بقوة متنهدًا ليقول..


-الي انتِ كتباه حلو بس ناقصة حجات كتير وتعديلات

ودا طبيعي لأنك أول مره تكتبي فهمتِ !


إبتسامة واسعة ارتسمت على ثغرها لترتمي على صدره سريعًا تمرغ وجهها فيه بقوة..


-ماتجاملنيــش..لو ماعجبكش قولي ومش هزعل


ضحك على كذبتها تلك ليربت على خصلاتها متمتمًا..

-قولتلك انه عجبني بس عايز تعديلات..المهم بقى

هتسمي الرواية ايه


رفعت رأسها له لتصبح المسافة بين واجهيهما قليلة

رأى الحيرة في عيناها وهي تنظر لوجهه بشرود تفكر..إبتسم بتسلية امرأته تبدو رائعة حينما ترتبك وتفكر مليًا فيما ماستنطقه أمامه كي يعجبه..كم يحبها ويحب جنونها الذي يظهر في شخصيتها كل فترة 


لمعت عيناها لتنظر لعيناه مباشرة كأنها تتحداه أن يرفض الإسم..بينما هو ارتفع حاجبه بريبة ثم لانت ملامحه بإعجاب ويضحك بخفوت بعدما سمعها تقول بثقة..

-"قاسٍ ولكن أحبني"


    وقد كان


تمت بحمد الله


                                ***

رواية قاسٍ ولكن أحبني٣(الخامس عشر والأخير)

روايات وسام اسامة

Comments
No comments
Post a Comment
    NameEmailMessage