JavaScript is not enabled!...Please enable javascript in your browser

جافا سكريبت غير ممكن! ... الرجاء تفعيل الجافا سكريبت في متصفحك.

-->

رواية رد قلبي الجزء الثاني "الفصل التاسع والستون٣"


 رواية "رد قلبي الجزء الثاني"

 الفصل التاسع والستون الجزء الثاني 

.......................................

ارتمت جودي بين ذراعي والدتها التي تلقفتها بدموعها الكثيرة ويداها اللتان احتوتها بحنانٍ بالغ ولوعة أم وهي تربت على ظهرها هامسة بعتب...

-كدا ياجودي..كدا تسبيني كل دا، هونت عليكي ياجودي


غمغمت جودي وهي تدفن وجهها في كتف والدتها وتهمس بخفوت رقيق...

-أنا اسفة ياماما..بس كنت محتاجة أجمع نفسي قبل مااجي، وأنا اهو جيت ومش هسافر تاني إلا للضرورة

كل فترة كدا


شهقت تقى وهي تبعدها عن حضنها وتحدق فيها بفزع تردد...

-ضرورة..ضرورة ايه

ايه يخليكي تسبينينا وتسافري تاني ياجودي


-لما نقعد هنتكلم ياماما

اتمت كلماتها وانسلت من بين يدي والدتها وبخطواتٍ بطيئة اقتربت من والدها وهي تشتت نظراتها عنه

تحاول ألا تنظر لعيناه كي لا يزداد داخلها شعور الذنب من تهربها منه حينما كان يتصل بها في الشهور الماضية

فكان وجهها منحني بذنب وهي تقف أمامه حتى سمعت صوته يقول بهدوء حمل في جوانبه العتاب والمحبة...

-ارفعي راسك


بتردد شديد رفعت وجهها له تنظر له نظرات معتذرة صامتة وهي تراه يمد كفه ويربت على وجنتها قائلا بجديته الممزوجة ببعض اللين...

-بناتي مينزلوش راسهم حتى لو قدامي


كلماته كانت الدافع التي جعلها ترمي نفسها بين ذراعاه تحاوطه بإشتياق وبعينان دامعتان وهي تضم نفسها لصدره كما كانت تفعل وهي صغيره حينما تخطئ وتردد لا توقف بصوتٍ مختنق نادم...

-أنا اسفة يابابا..أنا اسفة بجد


حاوطها أدم بلا تردد وهو ينخفض على رأسها يطبع قبلة فوق حجابها الرقيق ويده تربت على كتفها مواسيًا كي لا تبكِ وتعاودها حالتها النفسية السيئة..هو يعلم أنها تعتذر على جفائها معه منذ أن سافرت..يعلم أنها كانت تفعل ذالك رغمًا عنها..ورغم حزنه منها وعليها إلا أن عناقها له الان ورؤيتها سالمة أمامه كانا أكثر من كافيان كي يغفر لها جفائها..فتمتم وهو يربت على ظهرها...

-المهم انك كويسة ياجودي..مش قولتي هترجعي لما تحسي انك كويسة وتلاقي نفسك !!


ابتعدت عنه وهي تحرك رأسها بإيجاب تثبت أنها عادت بعدما وصلت لغايتها من السلام النفسي فتنهد بإرتياح وهو يمسح تلك الدمعة الصغير في رموشها بحذر ويقول...

-دا المهم ياحبيبتي..حمدلله على سلامتك


كلمات قالها بنبرة حملت لثغرة ابتسامة غابت عنه لشهور وشهور..ولكن الان ظهرت بوضوح وقد اكتملت راحته أمام عيناه لوجود ابنته جودي

الان عادت جودي

وسيدرا أيضًا على مايرام وتبدء بتسوية أمور زواجها الذي وافق عليه أخيرًا بعدما وافق موسى على المكوث معهم فجأة

وشَريف وزوجته مستقران وأكثرهم بهجة وراحة

لم يعد أمامه سوى شيء واحد يفعله !!!


بعد ساعة من وصلوها للقصر

كانت جالسة على الأريكة جوار والدتها تقص لها عن خطتها الحياتية الجديدة ووالدها يجلس في مقعد قريب منها نسيبًا يستمع لحديثها بإهتمامٍ صامت وهي تقول

-طنط مريم وشركائها هيأسسوا فرع من مكاتبهم هنا في مصر..وأنا الي هكون مسؤولة عنه فا هيكون مطلوب مني كل فترة اسافرلهم أيام قليلة وارجع


-وايه يخليكي مضطرة تشتغلي عند حد

ابوكي يأسسلك مكتب لهندسة الديكور ويكون ليكِ وتكوني بردو المسؤولة بدل ما تشتغلي عند حد وتسافري كل شويه وتجهدي نفسك 


حركت جودي رأسها نافية وتحدثت بثبات نَبأَ الأخرى بمدى اصرارها وهي تقول...

-أنا مش عايزة بابا يفتحلي مكتب..أنا عايزة أسس نفسي واحدة واحدة..لما أكون جاهزة للخطوة دي هاخدها بمجهودي ياماما..وبعدين أنا هستفيد من خبرة طنط مريم طول ماأنا بشتغل معاها


بدى عدم الاقتناع واضحًا على وجه تقى التي التفتت تنظر لوجه زوجها الذى كان هادئا ينظر لهن بملامح ثابتة هادئة وعيناه ساكنتان لا تنضحا غضبًا أو رفض !؟؟

فتحدثت ببعض الغيظ...

-انت ايه رأيك في الكلام دا ياأدم


-رأيي انها حرة في الي هي عايزاه

دي خطوة كويسة انها تستفيد من روما ومن الفكر الغربي هندسة الديكور بتطور يوم عن يوم والتطور بيبدء من هناك دايمًا..هي هنا هتعرف تجمع بين الذوق الشرقي والغربي


-ياسلام ماهي تعرف تعمل كدا لوحدها..وبعدين هو عادي عندك انها تسافر كل شويه ياأدم..مش شايف انك بقيت متساهل في الموضوع دا أوي !؟؟ 


-اهدي ياتقى مفيش حاجه لكل دا

لو على السفر في ألف بديل من انها تسافر وتكون حاصرة السفر في خانة الضرورة بس..غير كدا أنا شايف ان الفكرة ككل كويسة


نظرت له تقى بغير استعياب ثم أعادت النظر لجودي التي ابتسمت لها برقة وربتت على يدها قائلة...

-بابا معاه حق ياماما لو في بدايل عن السفر مش هسافر

وبعدين ماانا جنبك اهو


تنهدت تقى بثقل وتراجعت عن موقفها بعد دقائق وهي تغمغم بلا حيلة...

-الي يريحك احنا معاكي فيه ياجودي


وضعت جودي قُبلة على وجنتها برقة وهي تغمغم بنبرة مشتاقة وهي تنظر للاعلى حيث الغرف وقالت..

-فين سيدرا هي مش هنا ولا ايه !


تنهدت تقى بقلق حاولت اخفائه وهي تقول

-راحت النادي مع موسى وولاده عشان ياخدوا على بعض

مش عايزة تكتب الكتاب إلا لما ابنه يتقبل الجوازة


حركت رأسها بإيجاب وهي تلتفت لوالدها تسأله بإبتسامة بسيطة...

-وافقت أخيرًا 


حرك رأسه بإيجاب وتنهد براحة ناقصة وهو يقول بهدوء..

-دا اختيارها ودي حياتها..المهم انهم يكونوا هنا تحت عيني واكون متطمن عليها انها كويسة


اتسعت ابتسامتها وهي تحدق في والدها مفكرة

بالطبع لن يوافق على زواج سيدرا وموسى بهذه السهولة دون أن يضع شرطًا يجعله متحكمًا في الخيوط كما اعتاد

ورغم أن هذا كان يضايقهم في الماضي إلا أن والدها بشكلٍ أو بأخر يفكر بطريقة بعيدة..كبُعد النظر

لا يضع للظروف او الاحتمالات مجال..وبالطبع لن يكرر خطأة مره أخرى..

والدها أذكى مما قد يظنوا جميعًا..رغم كل شيء والدها الأقضل


-جـــــــودي !!!!!

صيحة سعيدة صدرت من ريشة التي دلفت من باب الجلوس فجأة بسعادة عندما رأت جودي الغائبة

وبسرعة البرق تحركت نحوها تعانقها بتلقائية وسرعة لم تعدها جودي عليها من قبل..فبادلتها عناقها المشتاق بأخر رقيق مشتاق مثلها وهي تغمغم برقة...

-وحشتيني خالص يارشد


تمسكت ريشة بها أكثر وهي تغمغم بإشتياق كبير...

-انتي الي وحشتينا أوي البيت كئيب اوي من غيرك

كنت كل شويه اقول لشَريف يسلملي عليكي

اوعي يكون مبيقولكيش !


كم بدت كلمات ريشة صادقة ودافئة لقلب جودي

لذا ربتت على ظهرها بمودة دون أن تنطق كلمة واحدة وهي تخبر نفسها.."الجميع تغيروا في غيابها..صاروا أكثر وضوحًا ودفئ !!"

 بينما ريشة ابتعدت عنها وهي تتم كلماتها وتنظر للخلف بإتهام نحو شَريف الذي وصل من الخارج توًا هو ايضًا

 فابعدها شريف عن شقيقه بحركة سريعة كي يتثنى له الترحيب بشقيقته ومعانقتها برقة ومحبة رجولية تشعرها ببعض السعادة تجاه شقيقها الأصغر الذي قال لها عاتبًا...

 -متصلتيش بيا آجي اخدك من المطار ليه !!


ابتعدت عنه وهي تربت على كفه بحنان لا تخص به أحدٍ سواه وهي تغمغم...

-عارفة انك بقيت غرقان في شغل الشركة..وبعدين أن مش صغيرة بردو مش هعرف اجي لوحدي


رفع شَريف كفه الضخمة ككل شيء فيه مقارنة بها وربت بها على وجنتها قائلا بتسامح باسمًا...

-والله لو ورايا ايه هجيلك بردو..دا انتِ البرنسيس جودي

لو ملغيتش كل حاجه وجيتلك هعمل كدا لمين


ضربة خفية في خاصرته من كوع مدبب حاد يعود لزوجته الغيورة الخبيثة التي احتفظت بثبات ملامحها وهي تصوي له تلك الضربة الحادة خفية عن الجميع

فضيق عيناه وهو ينظر لها بدهشة عن غيرتها الغير مبررة

ولكنها تجاهلته وتشاغلت بالعبث في حقيبتها وهي تغمغم بصوتٍ ظنت انه لن يسمعه غيرها

"لو ملغيتش كل حاجه وجيتلك هعمل كدا لمين..ننني"


صمت غريب خيم على غرفة الجلوس بعدما تمتمت بتلك الكلمات فاضطرب قلبها وجوفها وخشيت أن ترفع رأسها لهم ترى أنهم كالعادة سمعوا أفكارها وثرثرتها

ولكن ماأنقذها هو دخول سيدرا التي تفاجئت من قدوم شقيقتها فتحدثت مذهولة وسعيدة من تلك المفاجأة وهي تقترب منها...

-جودي هنا


كلمتان فقط اطلقتهما سيدرا قبل أن تتجه نحو شقيقتها تعانقها عناق طويل جدا..كان أطول حتى من عناقها لوالداها..فسيدرا لم تكن لها الشقيقة الكبيرة فقط

بل الأم الثانية والملجئ الآمن والدار الدافئ لها في كل وقت احتاجتها فيه، حتى أنها كانت الوحيدة التي تتواصل معها بصفة مستمرة وهي عند عمها جواد

ورغم أن أحاديثهن لم تنقطع ولكن وجود جودي أمامها الان سالمة يبعث الدموع لعيناها والراحة لقلبها

ولكن سيطرت على نفسها وهي تربت على ظهر شقيقتها الصغرى وهي تغمغم بنبرة حانية...

-ايامنا كانت ناقصاكِ ياجودي..حمدلله على سلامتك يا g


ضحكت جودي وهي تسمع اسم شهرتها في وقت مراهقتها حينما كانت تطلق على نفسها بين اصدقائها "g" بل واطلقت على اول حساب الكتروني لها " g A sayad"

وكان هذا من قبيل الشقاوة والعصرية في ذالك الحين


على طاولة عشاء آل صياد

كان جميعهم قد بدلوا ملابسهم لملابس منزلية مريحة

وبداوا بتناول طعامهم وهم يناقشوا اهداف جودي لتأسيس الفرع الخاص بالاسكندرية بشركة زوجة عمها

 " مريم"..وقد استحسن شَريف الفكرة وسيدرا أيضًا ايدت تلك الخطوة معللة أنها ستعود عليها بالكثير من الخبرة والمسؤولية..وقد بدأت تقى تقتنع بالأمر من كثرة التأييدات التي تسمعها من باقي الأفراد

 ولكن رغم ذالك أرادت تغيير مجرى الحديث وهي تنظر لسيدرا وتسألها بهدوء...

 -لمار وفادي عاملين ايه


حركت سيدرا رأسها بإيجاب ونظرتها ثابتة مرتخية..

-الحمدلله اظن بعد النهاردا بدأنا ناخد على بعض أنا وفادي..هو طفل ذكي جدًا وطيب مش محتاج إلا شويه صبر وهدوء ويبقى تمام


حرك شَريف رأسه نافيًا وهو يترك شوكته جانبًا ويقول معدلا معنى كلماتها...

-محتاج صبر وحنان..الولد باين عليه افتقاده للحنان الأنوثي ياسيدرا، كل ماتظهري حبك الصادق ليهم هيحبوكي أسرع..بلا تكتمي مشاعرك قدامهم زي مابتعملي معانا


جعدت جبينها برفض لذاك الاتهام وكادت ترد رد حاد

ولكن تحدثت ريشة سريعًا تمنع تعكر الاجواء وهي تسارع النظر لزوجها وتقول باسمة بغيظ مصطنع...

-وانت عرفت الحنان الانوثي منين بقا يا شَريف بيه


ظنت انها بتلك الملاحظة تشتت سيدرا وتشتته عن تحويل تلك الحظات الهادئة الجميلة ولكن في الحقيقة هو الذي شتتها حينما مال عليها يلاطف قرطها بأنامله مغازلاً..

-حد يبقى معاكي وميعرفش الحنان ولا الانوثة ياحلو انت


توهج وجهها سريعًا وابتعد تشتت عيناها بين عايلته الذينٰ ينظرون لهما بنظرات باسمة تحمل المزاح لما يرونه

فغمغمت سريعًا كي تتخلص من خجلها موجهة حديثها لهم بجدية...

-أنا كمان قررت حاجه عايزة اقولهالكم


انتبهوا لها جميعًا خاصة شَريف الذي حدق بها بإهتمام رغم ذهوله من أنها لم تخصه بقرارها اولا

فسمعها تقول وهي توجه كلماتها لأباه قائلة...

-أنا عرفت ياعمو انك كل فترة بتمول دور العجزة والايتام وبتدفع ديون الغارمات..انا عايزة أكون معاك في حاجه زي كدا..عايزة أشاركك


ظهرت الدهشة على وجه ادم من علمها بتلك الأمور التي يحول هو وزجته أن يفعلاها في الخفاء كي لا يضيع الأجر فقال...

-تشاركيني ازاي يارشد


شهقت قبل أن تترك شوكتها وتتكي على طاولة الطعام تسهب في سرد مافكرت به في الأيام السابقة...

-أنا اعرف ناس كتير اوي من منطقتي الي ساكنة فيها جدتي ناس متقدرش على الحياة..عندهم بنات بتتجوز مش عارفين يجهزوهم..أطفال بتتعلم وبيسيبوا المدارس عشان مش عارفين يتعلموا من قلة الفلوس

ناس كبيرة ولادها رامينها ومبيصرفوش عليهم وبياخدوا معاشهم من وراهم...ناس كتير بردو محتاجة المساعدة

فكرت اني استخدم فلوس من مهري الي شَريف قدمهولي

عشان أساعد منه خصوصًا اني لسه مبشتغلش ومليش فلوس خاصة من حر مالي أنا اطلع منها ليهم

بس حاليا الي اقدر اعمله اني اقولك عليهم طالما حضرتك مهتم بالجانب دا


تألقت عين تقى بتقدير وهي تنظر لزوجها نظرة بادلها إياها ثم نظرت لريشة تقول باسمة...

-دي فكرة هايلة جدًا ياريشة


تدخل شَريف سريعًا مذهولا من بعض الكلمات في منتصف حديثها وهو يتحدث بجدية...

-بس انتي تقدري تخرجي من فلوسك عادي أنا كل شهر بحطلك في حسابك في البنك تقدري تطلعي منها بدل ماتفكري انك معكيش فلوس من مالك الخاص


وضعت كفها على كفه مغمغمة بنبرة خافتة ممتنة...

-بيجلي رسالة كل مابتحطلي..وبتحطلي فلوس كتير اوي اوي اوي كمان..لكن انا حابة الثواب الي أعمله يكون من فلوس أن تعبت فيها  فا ثوابها يجلي عن استحقاق


تدخلت سيدرا في مجرة الحديث قائلة...

-بس يارشد طالما هي خرجت من ذمته لذمتك هي بقت ملكك انتِ..زي حاجه اسمها مصروف مثلا

يعني كل الي في حسابك دي فلوسك انتي فا لو هتستخدميها للمساعدة فثوابها راجع ليكي وله بردو


أيدتها جودي مؤكدة على حديثها برقة...

-ايوه ياريشة سيدرا صح..طالما خرج من ذمته لذمتك فا دا ملكك وبعدين ماتتقاسموا الثواب


تبسمت وهي تنظر لشَريف وهي تقول ضاحكة...

-حتى دي ملازمني فيها..يلا زي بعضه


-أنا موافق يارشد عديلي الأُسر وقوليلي أزمات كل اسرة فيهم..اجمعيلي فايل فيه كل حاجه بالتفصيل وساعتها نبدء وتقى تبقى تساعدك بردو

خرجت تلك الكلمات من أدم  بهدوء يعلمها قبول عرضه

فاتسعت ابتسامتها بحماس وهي تحرك رأسها بطاعة

وقد بدات تحصيهم في عقلها


أما أدم نظر لشَريف وقال له بهدوء...

-انت بقا من النهاردا ولمدة اسبوع أجازة

تاخد مراتك وتسافروا الاسبوع دا أي مكان تحبوه عشان هي تستمتع بأجازتها وانت تريح شويه من ضغط الشغل


تفاجأ شَريف من ذاك القرار المفاجئ فنظر لسيدرا بتعجب فحركت كتفاها دون علم فنظر لوالده مره أخرى قائلا...

-ليه فجأة كدا..اليومين دول في شغل مهم لازم يخلص

والادارة مش هيحبوا غيابي لاسبوع كدا واختفي تاني


وضع أدم شوكته يعلن انتهاء طعامه ويرفع منديله إلى فمه يمسحه برفق ثم يضعه وينظر لولده قائلا بجدية...

-متقلقش أنت خدلك أجازة وسافر

انا قررت أرجع الشغل تاني..مبقتش حابب اقضي وقت بعيد أكتر عن الشركة


بدى الذهول على كل الوجوه فيما عدا تقى التي تعرف بقراره مسبقًا وريشة التي لا تفهم مايدور

فغمغم شريف متفاجأ...

-بجد هترجع الشركة


حرك أدم رأسه بإيجاب وتحدث بنبرة عميقة محذرة...

-أه هرجع بس مش معنى كدا انك هتمشي..انت هتفضل زي ماانت لكن هتعمل شغل أقل بدل الضغط الي عليك

ورجوعي مش لتقصير منك بالعكس انت اشتغلت كويس جدا الشهور الي فاتت..خدلك أجازة ارتاح وارجعلي عشان تساعدني هناك


ثم حرك بصره نحو ريشة التي لم تفهم إلا ان زوجها لن بعود من عمله مرهقًا كما السابق فكانت سعيدة ومرتاحة لذالك

فنظر لها أدم وقال برفق: 

-شوفي بقا عايزة تقضي الاجازة فين 


لم يأتي في عقلها سوى مكانٍ واحد شعرت فيه بالهدوء والسكينة والسعادة

وحينما نظرت لزوجها رأت في عيناه مايخبرها أنه فكر بما فكرت به فتبسمت له وشعور السعادة يغمرها من جديد!!


                                 ***

في اليوم التالي في مزرعة آل صياد


في جلسة قد تبدو عادية خاصة بجلوس ريشة أرضًا براحة  تامة لا تألفها وهي جالسة مع عائلة زوجها..ولكن اللن بوجودها بمفردها مع زوجها في بيت المزرعة يجعلها تفعل ماتشاء..تجلس أرضًا لو أرادت..تقفز على الجدران إن شائت، المهم أن تفعل ماتريده هي

وهذا مايجعلها أشد راحة وأكثر طبيعية


فكانت جالسة أرضًا والأوراق تفترش أمامها

وبيدها هاتفها الذي تنقل منه اسماء "الأُسر المحتاجة" التي تكفلت بهم من مال مهرها كما طلبت من شريف ووالده..وايضًا من خلال ذاك المبلغ الكبير الذي أودعه أدم الصياد كي يساهم في المساعدة سرًا دون أن يعرف أحد غيرها فكانت منهكة في الحسابات واحصاء الأعداد وكيفية انفاق المال عليهم بطريقة تكون مفيدة لهم فيما بعد


أما شريف فكان ممدد على الأريكة بكسل وقد كان يعبث في هاتفه قبل نصف ساعة من الان..

ولكن الآن كان يستند بوجنته على كفه وهو يراها تمسك القلم والأوراق وتكتب احتياجات تلك الأُسر وهي تغمغم بكلمات غير واضحة وعيناها مسلطة على ما تكتبه يداها.

كانت أرق من النسيم في ليالي الربيع..وأقوى من صخور البحر..أنقى من الماء العذب وأشد خطورة على نفسه من الخطايا..ورغم كل الفروق التي كانت بينهما إلا أنها استطاعت أخيرًا أن تستغلها بطريقة صحيحة صالحة

لم تعد تلومه على ثروته او ثروة عائلته كما كانت في الماضي..ولم تعد تستحقر نفسها حينما تعقد المقارنات في رأسها بل بدت الان واثقة من خلفيتها القديمة ومن مستقبلها الذي تنسجه بسعيها وبمشيئة الله

ريشة هي الان أفضل امرأة قد يحظى بها أي رجل ويعيش معها مرتاح البال هانئ القلب


طالت نظراته المتفرسة بها حتى رفعت وجهها له وسألته بتلقائية دون أن تنتبه لنظراته...

-كدا هنكون ساعدنا ١٠٠ أسرة

وكمان لما ارجع تاني اسكندرية هروح المنطقة واشوف كام عروسة عايزة تتجهز..وهبقا أقول لعمي اني موافقة اتابع الجمعية الخيرية


صمتت للحظات وعقدت حاجباها مغمغمة...

-انت بتبصلي كدا ليه !


بعينان ناسعتان ووجه مرتاح على كفه وهو يتكئ على الأريكة قال بنبرة مغرية لقلبها ومشاعرها...

-عشان جميلة


انحلت عقدة جبينها واتسعت ابتسامتها السعيدة لذاك الاطراء المفاجئ فأمالت رأسها وغمغمت مشاكسة...

-دي بقا معلومة جديدة ولا انت عارفها من زمان !


بثباتٍ غريب وعيناه مثبتة في عيناها بغير هزل قال...

-من لما شوفتك في القسم وانتي بتعملي محضر لبندق دا

كنتِ مختلفة عن الي اتعودت عليه


تلاشت ابتسامتها وتجهم وجهها من تلك الجملة التي لا محل لها من الاعراب وقالت بحدة...

؟-يعني مختلفة عن الي اتعودت عليه..ايه طالعلي زلومة ولا بأربع رجول !


كلماتها الحادة لم تمحي سيل ذكرياته ولا نظراته المتأملة لها فتابع يقول بصوتٍ ناعم كالحرير..

-كنتِ منفعلة وبتعيطي ومبهدلة نفسك..كل همك تثبتي انك على حق وتدافعي لنفسك، مهمكيش حاجه غيرها وقتها ولا حتى أنا


لم تفهم أخر كلماته المبهمة ولكنها استشفت المدح من كلماته وعيناه الغاربتان بشموس الحب والشغف

فقفزت من جلستها واتجهت نحو أريكته تصعدها وتندس نائمة جواره تلتصق به وهي تغمغم بعينان واسعتان مترقبتان...

-ازاي مهمنيش حاجه حتى أنت !


ابتسم على خفتها ورفع أنامله يساوي خصلاتها التي تشعثت من نومتها المفاجأة وباتت انفاسها الدافئة تجري مجرى النسيم الدافئ على وجهها وهو يقول بخفوت...

-مش قصدي غرور..بس دايمًا اي مكان أروحه بيكون فيه بنات..بقدر أميز اعجابهم..سواء بنظرة بكلمة بحركة تلفت نظري او حتى بتجاهل مُتعمد عشان تظهرلي انها تقيلة

احنا بنفهم الحجات دي..انما انتِ شوفتيني أنا والظابط الي حقق مع بندق دا ولا اتحركت منك شعره..بالعكس فضلتي تعيطي وتزعقي لقريبك دا

حتى بعد مااتقابلنا في برج الحمام بردو ولا كإني قدامك

وزي ما بيقولوا الممنوع مرغوب..ورغم إن كل حاجه بينا كانت صعبة ومليانة مشاكل إلا اني مترددتش اني ادخلك في حياتي..ومهما حاولت أخلي الحياة بينا طبيعية ولا كإن في بينا أي اختلاف او فرق..بحن لريشة القديمة


عقدت حاجباها بدهشة وتوسعت عيناها مستنكرة تردد..

-ريشة..!

ازاي بتوحشك الشخصية الي انت حاولت بكل قدرتك تغيرها وتخلق واحدة جديدة تناسبك


رغم أن الأمور بينهما على مايرام إلا أن نبرتها المتهمة اللائمة جعلته يترك خصلاتها ويعتدل في جلسته ويساعدها برقة أن تعتدل هي الأخرى وهو ينظر لها مليًا قبل أن يتنهد ويقول مفسرًا...

-أنا مغيرتكيش عشان تناسبينا..انا غيرت حجات كانت مش هتنفع مع حياتنا..يارشد أنا بحب اسم ريشة جدا

بحب اقوله كتير وانتِ عارفة كدا


فهمت اشارته وزحف الاحمرار لوجهها وهي تتذكر لحظاتهم الخاصة التي لا يحادثها فيها إلا بإسمها القديم "ريشة"

بل وينطقه بكل حب وشغف وكأنه يتذوقه كنغمات موسيقى !!!

انتبهت له وهو يكمل بهدوء...

-بس مع حبي للإسم دا إلا انه كان هيسببلك أزمات كتير

احنا في مجتمع بيتنمروا فيه على الحجات الي متستاهلش التنمر..مابالك حد يتنمر على اسمك ويضايقك

وبردو الاسم الي اختارتهولك مش بعيد عن اسمك أبدًا


غير اني مش حابب حد يتعدى خصوصيتك ويدور على خلفيتك العائلية سواء اقارب صحافة أو أي حاجه ممكن تخلي حد يدور وراكي..ومش معناه اني كارخ ماضيكِ او ماضي عيلتك..بالعكس انتوا من أشرف وأحسن الناس وأي حد بيجيب رزقه بشرف وبالحلال

لكن مش حابب حد يئذيكي بإنه يتعدى على خصوصيتك وذكرياتك...كل حاجه حاولت أعدلها فيكي كنت بعدلها عشان محدش يوجعك ولا يحسسك بمشاعر سلبية ممكن تإذيكي..وغفلت عن اني تصرفي بدون الرجوع ليكي هو أكبر أذى..ورغم كدا انتِ سامحتي وعديتي كل دا ووافقتي نبدء من جديد


تنهد مليًا وهو يرفع كفه الدافئ ويربت على وجنتها النضرة وهو يقول بخفوتٍ صادق جعب جسدها يقشعر تأثرًا...

-أنا بحب ريشة القديمة وبعشق رشد مراتي

ومحظوظ إن الاتنين هما شخص واحد..ولو رجع الوقت هختارك بردو..بس وقتها هحاول منقعش في الأغلاط الي وقعنا فيها


تبسمت وهي تمسل رأسها على كفه التي احتوت وجنتها في تلك اللحظة المليئة بالاعترافات المفاجأة..فأرادت أن تشاركه اعترفاته بما يجول في عقلها فاندفعت تقول...

-أنا بقا لما انت قولتلي تقدملي وعرفت ان عيلتك كبيرة

قولت باااس الراجل دي هيتجوزني يعمل فيا حاجه قلة ادب ويرميني لكلاب السكك تنهش فيا..أو ممكن يكون عايز يستغلني..أو حد عامله سحر وداس عليه وشافني وقال يتجوزني..المهم ان طلبك ليا وراه أكشن


اتمت جملتها ضاحكة وهي ترى ملامح وجهه المذهولة من مخليتها الخصبة فغمغم ذاهلاً بضحكة صغيرة...

-ايه الشكوك دي كلها..هي كل بنت يتقدملها راجل بتفكر في كل الحجات دي !


حركت رأسها نافية وهي تتنهد وترفع يدها تتحسس بها وجهه بنبرة لازالت تحمل عدم التصديق بين طياتها والنبرة الشاردة تغرقها في ذكريات بعيدة...

-لا مش أي راجل يتقدم بنفكر في كدا

بس بص لوضعي زمان..أنا كنت يائسة وفجأة اقع في شاب حلو حبتين تلاتة زي بتوع السيما ويقولي اتجوزك

لا ويكون ظابط وابن ناس اغنيا اوي اوي، أكتر ماكنت بشوفهم في التلفزيون..ناس شايفين العشرين ألف جنية مبلغ عبيط..وأنا وقتها كنت فاكرة ان المبلغ دا ممكن يجيبلي حجات كتير ويوفرلي تعليم ولبس وموبيل زي بتاع غزال وحجات كتير

متخيل صدمتي كانت ازاي..ازاي واحد زيك يجي لواحدة زيي فجأة كدا من غير اي مقدمات

أكيد مش هصدق بحكايات ديزني الي الأمير الغني بيروح ينقذ البنت الجميلة الفقيرة ويخليها أميرة

انا وقتها كنت مركزة في الواقع أوي..مقدرتش اصدق ان حياتي تتقلب وتتغير كدا


صمتت عاجزة عن اكمال ما في جوفها

عاجزة عن وصف مدى دهشتها انها صارت امراة متزوجة من رجل يغني وتعيش في منزل به أكثر أربع عاملات يساعدن العائلة في شؤون التنظيف وادارة المنزل وهي التي كانت مثلهن في منزل غزال وبين ليلة وضحاها تغير الوضع...هي التي كانت تفكر في أي جامعة حكومية ستنضم وفجأة وجدت نفسها في جامعة خاصة مدفوعاتها تُكفي ريشة القديمة حياة هانئة لمدة عام ونصف أو أكثر

كيف تخبره أنها لم تتخيل أن فتاة عادية الملامح من وجهة نظرها ستتزوج رجلا بهي الطلة مثله جميل الوجه لدرجة أنها تحسد نفسها أنه زوجها هي

كيف تخبره أن ماتخيلته في الماضي وأحلامها عن زواجها من حبها الأول الذي كان يعمل في مكتبة والده وأن أشد أحلامها جموحًا انهما يمتلكان منزلا من طابقين وأنه افتتح مكتبة خاصة به بعيدا عن ملك والده

حتى أحلامها كانت أبسط من واقعها الغريب جدًا جدًا


تمتمت دون وعي منها...

-والله ولا حكايات ألف ليلة وليلة..بس دا أنا حظي في السما والله، على رأي المثل الخواجة لما يعوز

اه كنت متعفرت معايا في البداية وكنت متطاقش بس اهو الي يصبر ينول صبرت عليك ونولت


استفاقت من شرودها على نظراته المتسلية الضاحكة وهو ينظر لها بلا حيلة ويحرك رأسه سلبًا مغمغمًا بضحكات صغيرة...

-حاجه واحدة معرفتش اغيرها فيكي..ان الي في عقلك على لسانك..يابنتي بتبوظي اللحظات بالاضافات دي ليييه

بتسمعيني أفكارك المريبة لييه


عقدت حاجباها بإدراك وتأفأفت حانقة وهي تسأله...

-انت سمعت الي كنت بفكر فيه تاني !!


حرك رأسه إيجابًا وهو يبتسم..فحركت كتفاها بلا مبالاه وهي ترتمي على صدره وترفع له وجهها تقول وهي تقدم له ثغرها عن طيب خاطر...

-مش مشكله انت مش غريب


ضحك وهو يمسح على وجنتها وعلى جفناها بلمسات حانية وفي عيناه نظرة خبيثة مترقبة ينتظر سماع أفكارها من جديد على انتظارها له..وتأكد يقينه وهو يراها عقدت حاجباها وهي لازالت مغمضة العين وتسأل بتمتمة خافتة...

-هو الراجل دا مش هيبوسني ولا ايه !!؟


ومن ضحكاته التي وصلت لاذناها علمت أنه استطاع سماع أفكارها مره أخرى ولكن هذه المره لم يُعلق

بل انخفض لثغرها الندي يشاركه ضحكاته بلمسات كانت شقية عابثة في البداية إلا أن لحظات وكانت بين يداه يبثها عاطفته البدائية وتشاركه هي بها دون أي تردد

مشاعرهما الفطرية هي أكثر مايستطيعان التعبير عن كل مايدور في قلبيهما..يكون هو مجردًا ملابسه الغالية من اسمه ونسبه وأمواله وكل شيء مرفه ولا يكون سوى شَريف فقط..وهي كذالك تخرج عن الثوب الذي حاكه لها

وعن ثوب اسرتها وعالمها البعيد عنه وتتحد معه بكونها ريشة حبيبته وزوجته..لا داعي لذكر الماضي او الحاضر

المهم هما أنهما ليسا اثنان من عوالم مختلفة في هذه اللحظة..المهم أنهما شخصٍ واحد له قلبان


                               ***                                               


عودة لوقتٍ مضى

كانت تحدق في هاتفها تكتم ضحكاتها على ماتراه في محادثتها مع الفتيات..تحاول كتم غيظها عنه بتشغالها بالنظر للهاتف والحديث مع صديقاتها

فهي لو ظلت تفكر في افعاله التي ترفع مستوى ضغطها ستموت على يداه الجميلتان المليئتان بالعروق التي تعشقها


وسط انشغالها وجدته يجذب وجهها ويجس حرارتها واضعًا كفه على وجنتهاها الملتهبتان حُمرة وجبينه منعقد بنظرة متجهمة وهو يقول...

-وشك أحمر ليه انتي سخنة !


ابتعدت عن مرمى يداه وهي تشيح وجهها عنه وتقول بوجوم أجادت اصطناعة...

-أنا كويسة بطل بقا تقيس حرارتي وضغطي..حد قالك انك متجوز ست عدت التسعين سنة !


ثم أعادت النظر لهاتفها تتجاهلة بعزم رغم انهياراها داخليًا وهي تحادث نفسها بحسرة

"الله يسامحك يارغدة عايزاني اتجاهله وأعمل من بنها..دا أنا الود ودي اترمي بين ايديه دا كلها اسبوع ويمشي ويسيبني تاني "

ولكن تعليمات رغدة كانت حادة وصارمة وواعدة أيضًا أنها ستأتي بنفعول..لذا تماسكت


أما سلطان الجالس جوارها كان يحدق في التلفاز دون انتباه..عقله منشغل بتلك العنيدة الجالسة جوار وتجيد التصرف بجفاء من بعد عودتهم من منزل خالها

ورغم أنها المخطئة ولكنها أيضًا الغاضبة منه..آخر معلوماته أن المخطئ يندم على خطأه أما مايراه الآن منها فهذا جديد عليه كليًا.

ومايمنعه من مواجتها والحديث عما مضى انها على حد قول علية ورغدة مريضة..تُصاب بنوبات دوار وألم رأس

وأشياء تجعله قلق عليها من أن تنفعل فتزداد

وأيضًا إن لم يتحدثوا وظلوا على جفائهم هذا يتزيد خلافتهم أكثر فأكثر


أعاد نظرة لها يحدق فيها مليًا..يراها تنظر للهاتف وتكتب عليه بنشغال وقد تجاهلته كُليًا بكل قوة وإرادة

مشط وجهها بعيناه إلى أن توقفت عيناه على حبيبه فيها

"عنقها الطويل" !!

تلك الماكرة تعلم أنه يكن لعنقها محبة خاصة ويحب اثباتها لها كلما رفعت خصلاتها الغجرية عنه وأظهرته له

والان في خصامهما تستخدم سلاحها الجبار عليه !!!


-كاذب ياسلطان

هكذا حدثته نفسه وهو يبعد عيناه عنها

هو لا بحب عنقها فقط ويجده سلاحًا ذو تأثير جبار عليه

بل يراها بأكمالها أكثر امرأة اثرت في نفسه وعقله..وقلبه

بمجرد النظر لوجهها الصبوح ولعيناها العاصيتان يعلم أن كل مافيها يؤثر به..

حتى خصلاتها الذي تخفي عن عيناه عنقها الحبيب كان يطلب منها أن ترفعها أمام الاخرون لأنه يرى في شعرها جمالاً ويثير في نفسه اعجابًا ودهشة

فيخاف أن يثير الحسد في نفوس الآخرين حتى لو كانوا أقرب الأقربين


اذناها الصغيرتان اللتان تزينهما بأقراطٍ كثيرة

تضع في الأذن الواحدة ثلاث اقراط صغيرة تعطيها هيئة غجرية  شرسة مختلطة بالرقة والجمال

ورغم أنه كان يستنكر كثرة الأقراط في الأذن..إلا أن اذناها ابدو أكثر من رائعة


انفها ذو الحجم الصغير والنهاية المدببة بحدة وكأنها ستنقره في وجهها لو أغضبها..وثغرها الذي تطليه دائمًا الوان جريئة فاقعة..ولكن اليوم ومنذ أن اتوا منزلهم لم تضع أي زينة..فتركته على لونه الوردي الرقيق الذي يظهر امتلائه المغري لعيناه


يداها الناعمتان وتلك الشامة الوردية التي تظهر أسفل معصمها..قدها المرسوم بريشة إلاهيه رائعة تزيدها فتنة

هذا يكفي فضلًا على ان يتحدث عن ساقاها مثلا ومدى جمالهما والتي تحب تزيين احدهما بخلخالٍ رنان يوتره

ولن يتحدث عن أشياء أخرى قد تجلب لعقله أفكارًا لا تناسب وضعهما الحالي وستزيد حالته سوءًا لا أكثر


تنهد بحدة وهو يمسك جهاز التحكم ويغلق التلفاز وكاد يقف ولكن تحدثت سريعًا وهي تترك هاتفها...

-انت رايح فين !!؟


التفت لها ينظر لها ببعض الضيق الذي لم يخفيه وقال...

-رايح الچيم عايزة حاجه !؟


جعدت جبينها بحدة وأعادت نظرها للهاتف تتجاهله وهي تكتب عليه بسرعة أظهرت مدى غيظها منه

فتنفس بصبر وهو يجلس مره اخرى جوارها ويقول بهدوء...

-وبعدين ياغزال


توقفت عن الكتابة ولفتت وجهها له ونظرت له نظرة تحمل الحدة والعناد وهي تكرر خلفه...

-وبعدين ياسلطان


-بقالنا يومين راجعين من عند خالك..متكلمناش في الي حصل..ولا حتى بصينا لبعض، اجي المسك اقيس حرارتك تتأفأي اقعد جوا تتأفأفي..انزل عند أمي ترفضي تنزلي وتتحججي النوم..اجي انام تنزلي عندها انتي

مين فين الي غلطان عشان تتصرفي كدا


رفعت حاجبها من هدوئه وهو يلقي كلماته تلك

هذا هو عيب سلطان..حينما تغضب يهدء وحينما تهدء يغضب حتى باتت لا تدري اهذا طبعه أم هو يعاندها لا أكثر...!!!

تركت هاتفها جانبًا وتحدثت بهدوء تسترجع كلمات رغدة لعقلها وهي تغمغم بضيق...

- أنا مش غلطانة الي غلطان هو الي نصر قريبته عليا وسكتلها لما فضلت تغيظني بس مسكتليش وزعقلي ونيمني معيطة

الي غلطان هو الي سايني في بيت خالي تلات أيام ولا كإني فارقة معاه ولا كإني مهمة عنده..الي غلطان هو الي بعتلي رسالة يقولي فيها ان لو نطقت الكلمة دي تاني هيعلمني الأدب عشان أنا نسيت اتعلمه زمان


أنهت كلماتها بصوت مرتفع ووجه محتقن غضبًا وقد زحفت الحمرة له بعدما تذكرت أنه نصر سلوى عليها

اما هو فكان ينظر لها بغير رضا عن تحويرها لما حدث وعلو صوتها فقال بحدة...

-وانتي مغلطتيش لما شبهتيها براجل قدام جوزها وقارنتي بينك وبينها وطلعتيها على المسرح قدامنا وضحكتي عليها عيالها وعيال حسن

مغلطتيش لما سافرتي من ورايا وانا نايم وكدبتي ان عمك تعبان وروحتيله..مغلطتيش لما بعتيلي رسالة انك عايزة تطلقي..كل دا ومغلطتيش !!


اندفعت غزال واقفة بإنفعال وهي تصرخ بصبرٍ نافذ من مدافعته الدائمة عن سلوى...

-قولتلك هي الي بدأت هي الي بتصر انها تضايقني وتخليني غيرانة ومش واثقة من نفسي..من أول ماجت وهي قاعدة لازقة فيك ماسكة ودنك بتسخنك عليا

عمالة تقولك فاكر فلانة كانت بتحبك ازاي طب فاكر فلانة كنت بتحبها ازاي فاكر جارتكم فاكر يسر فاكر فاكر فاكر

ايــــه هو أنا كيس جوافة..مش ست مالية عين جوزها

عايزة توصلني ليه غير اني اتخانق معاها فانت تتخانق معايا وفي الأخر نتطلق..من ساعة ماجيت البيت دا وهي مبتعملش حاجه غير انها تقهرني وبس

والراجل الي أنا بتقهر وجوفي بيولع عشان مبيزعلش عليا لأ بيزعل على الحرباية قريبته


اقترب منها خطوة وصدح صوته الجاهوري غاضبًا...

-غـــزال


انتفضت بغضب وهي تصرخ بصوتٍ أعلى حدة وبغيظ واستنكار قالت..

-شوفت شوفت اتحمقت عليها ازاي لما قولت حرباية

أمال مبتتحمقش عليا ليه..هو أن واخدني تخليص حق

حد ضربك على ايدك عشان تتجوزني..انت بتعمل فيا كدا ليه عايز توصلني لإيه


اتمت كلماتها وهي تضرب صدره بقوة وبإعصابٍ منفلتة وقد بدأت الدموع تغزو عيناها وتهطل على وجنتها الحارتان الغاضبتان..فتمسك بمرفقها قائلا بحدة ...

-اهدي ياغزال


حاولت الابتعاد عنه وهي تهتف بشراسة رغم دموعها التي تهبط بغزارة ولازالت تحاول ابعاد يده عنها...

-أهدى !

أهدى ايه بس..انت انت طالما مش عايزني اتجوزتني ليه

طالما مش هتدافع عني وتبقى سندي خدتني من خالي ليه

انت وعدتني انك مش هتسمح لحد يقلل مني، انت مبتعملش حاجه غير انك بتسكت لما بتشوف سلوى بتمسح بيا الأرض..وبتزعل لما برد !!


-أنا بسيبك تردي عليها لكن المرادي انتي جرحتيها

قللتي من شكلها قدام جوزها ياغزال..مش معنى كدا انها مش غلطانة لكن غلطك أكبر..استغليتي انك أجمل منها عشان توصليلها انها بشعة وانك أحسن منها


هدأت ثورتها وتوسعت عيناها ذهولاً من اتهاماته الباطلة التي لا تمت للحقيقة بأي صلة فتحدثت مستنكرة...

-انت دخلت نيتي تعرفها قبل ماتقول الكلام دا 

انت وصلت بيك تدافعلها على حساب نيتي !!!


ظل يحدق بوجهها المصدوم لثوان وقد زاغت عيناها بنظرة مخذولة غاضبة لاعنة له ولسلوى وقبل ان يفلت يدها وجدها تنتفض بجنون صارخة وقد بدت لا تراه في هذه اللحظة....

-مش قعدالك فيها يابن بشاندي..ولا هتشوف طرفي تاني حتى، وديني لأوريهالك..وديني لاروحها بيتها أنتفلها شعرها عشان ترتاح واكون خدت حقي بجد

وهتطلقني ياسلطان هتطلقني لانك حجر عارف الحجر

ايــــه ياشيخ جايب الجبروت دا كله منين..جايبة منين يأخي ماترد عليا


اتمت كلماتها وهي تدفع صدره الصلب بقوة وتطلق العنان لقدماها بالركض إلى غرفتها رأسًا إلى الخزانة تفتحها وتخرج ثيابها كلها بعنف وتلقيها على الفراش وتجذب حقيبتها الكبيرة كي تجمع بها ملابسها

تفعل كل هذا بأنامل مرتجفة من الغضب وأنفاسٍ لاهثة

عقلها يعمل بلا توقف وهي تتخيل نفسه تضربه وتركله وتصفعه ثم تأخذ أشيائها وتغادر

لا لن تغادر قبل أن تفعل المثل مع سلوى اللعينة


اقترب سلطان يجذبها بقوة من أمام الخزانة ولكنها كانت كتلة من الجنون تتحرك بعشوائية وتسدد ركلات وشطحات ولسانها يطلق لعناتٍ على سلوى ويسر وكل امرأة عرفها بل وحتى هو !؟؟؟

أجاد تقييدها بيدها وهو يصرخ فيها بجنون...

-اسكتي بقا اسكتيييي بقولك


حركت رأسها نافية وظلت تتحرك بعشوائية مرددة بغضب هادر...

-مش هسكت وهتطلقني..أنا غلطانة اني وافقت عليك

أنا غلطانة اني حبيتك، حبيت حجر معندوش قلب ولا احساس ولا ذوق..بيفضل كل الناس عليا

ياأخي دا حتى الحجر هيحس ييا عنك..لكن خلاص هتطلق منك وهتجوز الي يقدرني ويحبني..الي مينمنيش معيطة عشان حيزبونة زي دي هتجـ...


كمم فمها بكفه وقد فاض به الكيل لدرجة ان أسنانه بدأت تصطق بعضها ببعض من كثرة غضبه واندفعت الدماء لعيناه حتى بدى مرعبًا بحق..حتى يداه اشتدت حولها حتى بدأت تؤلمها وجعلت جسدها ينكمش ببعض الندم

أما هو لم يتكلم..بل تحرك بها للخارج ولازال يمسك بها جيدًا يجلسها على أحد المقاعد ويتحرك سريعًا للداخل ويعود بحبال ولاصق !!!؟


نظرت للحبال وهو يقترب منها فحركت رأسها نافية برعب وكادت تقف وتركض وهي تصرخ ولكنها تمسك بها جيدًا وقيدها في المقعد بطريقة محكمة غير مؤلمة وكمم صراخها بشريطٍ لاصق قل أن يستوي في وقفته ويرفع رأسه عاليًا يمسح وجهه ويزفر بغضب فشل في احتوائه


عشر دقائق كاملة من صراخها ولعناتها وركلاتها وبعثرتها للملابس وتعودها وطلبها للطلاق..والطامة الكبرى حديثها بأنها ستتزوج أخر..نفذت أخر نقطة من مخزون صبره بعدما قالته

سمع هاتفه يصدح فاخرجه من جيبه يرى رقم والدته

بالطبع ستقلق بعد كل ذاك الصراخ..ألقى الهاتف جانبًا ووصع يداه على خاصرته وهو ينظر لغزال بحدة يرى توسع عيناها خوفًا من غضبه فانخفض عليها يقول بحدة..

-بتزعقيلي وتصرخي في وشي..وكمان طلقتي نفسك مني وجبتيلك العوض الي ميكونش حجر زيي صح !!؟


هزت رأسها نافية سريعًا وهي تصدر همهمات راجية 

فنفخ بقوة وهو يلتفت حول نفسه بجنون..عاجز عن تفريغ غضبه..كيف يفرغه ايضربها ويفرغ فيها غيظه

بالطبع لا هذا ليس خيار مطروح بالنساء لا تُضرب مهما كُن غبيات مثلها..!!!

ايكسر المنزل ومافيه لعله يرتاح قليلاً...لا فهو تعب في جلب كل مافيه وهو يكره البعثرة وقلة النظام


ايصفع رأسه في الحائط عله يهدأ !!

لا سينكسر الحائط او رأسه أيهما أقرب


لم يجد أمامه إلا ان يجلس على أقرب مقعد ويضع رأسه بين يداه مغمغمًا في نفسه..

-انت كنت عارف انها هتجننك..انت كنت عارف من الأول

لاحول ولا قوة الا بالله..استغفر الله العظيم

جواز تاني ياسلطان تاني !!


كانت تسمع همهماته بقلق وهي تنظر له بريبة

وجهه يخبرها أنه يكاد يكسر عظامها بكل سهولة خاصة وهي مقيدة بذاك المقعد..ولكنه لم يفعل قيدها وجلس !!؟


مضت خمس دقائق كاملة وهو لازال على جلسته يحاول تهدئه غضبه إلى أن رفع وجهه لها وسألها بحدة...

-عايزة تطلقي !


توسعت عيناها وارتعش جسدها فجأة..هل سيطلقها حقًا

هل..هل هو جاد الان في سؤاله الذي يطرحه !!

امتلئت عيناها بالدموع وكادت تحرك رأسها سلبًا ولكنه اندفع يقول بحدة...

-انتي بالذات مش مطلقك..عارفة لو مسكتي السلك عريان كدا مش مطلقك..واقولك ردديها براحتك قوليها صبح وليل..لكن وكل أيمانات المسلمين ياغزال مامطلقك

مش انتي عملالي فيها مجنونة..أنا أجن من أهلك


رمشت عيناها مطولاً لا تجد ماتفعله سوى السماع لكلماته الغاضبة فتابع بحدة وهو يتحرك في مقعده...

-ملحقتش اقولك كلمة وفضلتي تصرخي..هو انا متجوز عيلة صغيرة ولا ايه..اقولك طور تقولي احلبوه

بدل ماتسألي يعني ايه الي قولته شوطتي باندفاعك وغبائك..سلوى الزفتة معندهاش ثقة في شكلها وكذا مره تتخانق مع جوزها بسبب انه بيوصلها انها مش مالية عينه

وانه شايفها مش حلوة..كلامك دا هيزود المشاكل ويخليه يدوس عليها أكتر


تجعد جبينها وبدت عيناها مذهولتان من حديثه فتابع بحدة..

-كذا مره كانت هتطلق من خيانته المتكرره وأعذاره انها مش عجباه..عارف انا اتساخفت عليكي وكترتها لكن انتي بالحس كدا تفهمي ان موضوع الجمال والوحاشة دا مش لازم تتكلمي فيه..هيتقال عليكي انك خربتي بينهم هتتشافي وحشة وانتي مش كدا..لكن انتي غلطتي وقاوحتي وعيطتي وهربتي وقولتلك مش هرجع..لكن لاول مره منفذش كلامي وجيتلك رجعتك حتى بعد رسالتك التافهة ودلوقتي بتصرخي في وشي


فجاة صدح صراخه الغاضب في وجهها مما أفزعها منه...

-احاسبك على ايه ولا ايـــه..لو راجل تاني كان قطم رقبتك، وتقوليلي حجر..حجر ايه ياام حجر

هو انا لو حجر هطول في اجازتي الي بتقلل من رتبتي وبتزود من شغلي وانا هناك !!؟

واخد اجازة عشان الهانم مراتي تصرخ في وشي وتحلفلي انها هتتجوز واحد تاني يقدرها..على اساس اني بشيلك رمل واطلعك بيه عشر أدوار صح !!؟؟


انكمشت في نفسها وزاد جسدها برودة وقد بدأ الصداع يضرب رأسها بقوة جعلتها تبتلع رمقها وتغمض عيناها بقوة

ولكنه لم ينتبه لكل هذا وتابع مستنكرًا..

-عشان اعرف اكلمك كلمتين من غير صريخ وجنون كتفتك..متخيلة وصلتينا لإيه..اني أكتف مراتي عشان اعرف انطق بكلمتين


اتم كلماته وهو يقف متجهًا نحوها يفك وثاقها سريعًا بوجوم ويزيل لاصق فمها قبل أن يعلن بحدة..

-انا هرجع الكتيبة انهاردا..اقعدي فكري في افعالك يابنت الناس وشوفي الصح فين


تحرك نحو الغرفة عازمًا على المغادرة اليوم بأي ثمن

لا لن يمد أجازته اكثر..سيعود لعمله الذي يرتاح فيه ذهنه رغم أن جسده لا يرتاح..ولكن هذا أفضل من التواجد مع غزال وجنونها في مكانٍ واحد

قبل أن يغلق حقيبته سمع صوت ارتطام قوى جعله يتحرك سريعًا دون تفكير للخارج..وكما توقع كان ارتطام جسد غزال بالأرض !


تحرك نحوها سريعًا بفزع يلتقطها من الأرض ويضعها على الأريكة وهو يقلب وجهها البارد بين يداه ويضرب عليه برفق والقلق يأكل أحشائه وهو يتمتم...

-غزال..غزال فوقي..غزال


ولكن لم يصله رد من جسدها البارد ووجهها الشاحب

تحرك سريعًا للمطبخ يملأ كأس ماء ويجلب صحن المُخلل من الثلاجة..فهو يعلم أنها منخفضة الضغط دائمًا

ثم عاد لها وهو مبلل اليدان كي يمسح على وجهها برفق ويتحدث بنبرة بدى فيها ارتباكه...

-غــزال فوقي


بدأت تفتح عيناها بوهن وهي تشعر بقطرات الماء على وجهها فسارع يضع كوب الماء أمام فمها ويساعدها تعدل كي ترتشف منه..فشربت القليل دون حيلة

وقد بدء جسدها يرتجف بقوة

وضع في فمها قطعة مخلل الخيار كما تحبه

ووضع الكوب والصحن جانبًا وهو يخلع سترة عمله يحاوطها بها كي يدفئها قليلاً

ولكن ما أن نظرت لثيابه الذي بدلها للرحيل وللسترة حول كتفها تجمعت الدموع في عيناها وشهقت بقوة تنخرط في بكاءٍ عنيف ينافي جنون عصبيتها منذ دقائق

وبحنانٍ غريب استقبل دموعها على صدره وهو يربت على ظهرها يرفق يهدئها ويده الأخرى تمسح على كتفها كي يبعث فيها الدفئ ويضمها له بقلق يخالف غضبه الهادر منذ دقائق


فمن يراهما منذ دقائق وهما يصيحان في وجه بعضهما

لن يصدق أنهما ذاتًا يعانقان بعضهما وهي تبكي وهو يواسيها..فخرجت الكلمات من فمها مرتجفة راجية...

-سـ سلطان


تنهد بإرهاق وتعب ذهني ونفسي قبل أن يغمغم...

-ايه ياغزال


شهقت أكثر باكية وهي تحاوط عنقه بإنهيار...

-أنا أسفة..أنا اسفة متمشيش وتسيبني


كم بدى الان مرهقًا متعبًا لا يقدر حتى على رد أسفها

فتنهد مربتًا على خصلاتها وظهرها قائلا بهدوء غريب...

-حصل خير ياغزال..أنا كمان غلطت


ظلت تبكي بخفوت بين أحضانه وهو يربت على ظهرها برفق يواسيها بصمت..لا يصدق ماحدث بينهما..لا يصدق أنها صرخت فيه هكذا ولا يصدق انه قيدها

من البداية كان يدري أن الزواج من غزال سيكون كارثي

ولكن إلى هذه الدرجة !!؟

مدد على الأريكة وساعدها تتسطح جواره وفوق جسده ولازال يهدهدها ويربت على ظهرها تارة وشعرها تارة إلى أن هدأت وقالت بخفوت مرتعش...

-انت هتطلقني !!


ران الصمت للحظات مما جعل جسدها يرتجف قبل أن تهدأ وتسمع جوابه الحاسم...

-معنديش نية اطلقك ياغزال


اطمئنت قليلاً فأعادت تتسائل بذات الخفوت...

-هتسافر انهاردا وتسيبني !


لم يرد عليها حتى بعد مرور دقيقتان..فرفعت وجهها له تنظر له بوجه محتقن وعينان دامعتان وهي تعاود السؤال بنبرة أشد وطأة على قلبه ونفسه..

-هتسيبني !


فهمس متنهدًا متراجعًا عن قراره للمره الثانية وهو يمسح عنها دمعها...

-لأ


زفرت انفاسها الحارة في وجهه وهي تعاود التساؤل مره ثالثة بنبرة نادمة قلقه..

-لو كنت فهمتني براحة كنت هفهم


-ولو كنتي سمعتي كنتي هتفهمي بردو بدل الصريخ دا كله


وضعت كفها البارد على وجهه تتحسسه برفق هامسة..

-أخر مره


تنهد صامتًا وهو ييتأمل تلك الطفلة بين يداه

الان لا يستطع سوى احتوائها والتربيت عليها كي لا تحزن

الان لا يستطيع توبيخها او الابتعاد عنها خاصة بتلك العينان الواسعتان الدامعتان

غزال هي ناره المستعرة وجنته الهادئة..تدخله واحدة وتخرجه لأخرى في لمح البصر دون حتى أن ينتبه

تكويه بإندفاعها وتربت على قلبها بخفوتها وشقاوتها

تُبعده بكلمه مندفعة وتجذبه برمشة من عيناها

في أي جحيم ألقى نفسه وقلبه !؟

وبالأخير تخبره أنه حجر لا يشعر بها..ليته حجر لا يشعر بها!!!


***

اتأخرت عليكم عشان اخرجه بالحجم دا

حتى والله مالحقت اعدله بعتذر جدا


دعواتكم ليا بالنجاح

دعواتكم لوالدتي بالشفاء العاجل

وشكرًا ❤️

رواية رد قلبي الجزء الثاني "الفصل التاسع والستون٣"

روايات وسام اسامة

تعليقات
ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق
    الاسمبريد إلكترونيرسالة