JavaScript is not enabled!...Please enable javascript in your browser

جافا سكريبت غير ممكن! ... الرجاء تفعيل الجافا سكريبت في متصفحك.

-->

رواية رد قلبي الجزء الثاني الفصل (التاسع والستون)


 رواية رد قلبي

الفصل التاسع والستون كامل

تنوية " تمتم اضافة الشخصية التي نُشرت يوم الثلاثاء لاكتمال الفصل "


قرائه ممتعة

.........................................


وصلت سيدرا إلى الشركة التي لم تطأها قدماها منذ أكثر من ثلاثون يومًا مضوا كالدهر عليها

فحاجتها للراحة كانت أكبر من حبها للعمل..وأيضًا تصميم والدها على أخذها لتلك الاجازة الاجبارية جعلها تذعن لرغبته دون أي اعتراض

خاصة وهي ترى قلقه عليها في عيناه كلما طرفت عيناها وجعًا من ذاك الألم الذي يداهمها بسبب " العصب الخامس"

فيجعل جانب وجهها متشنجًا وتئن بألم جمَ وهي تشعر بأن هناك سيخًا مُلتهب يوضع في اذنها فيجعلها تبكي من حدة الألم..ورغم أنها تحملت ذاك الألم ببسالة ولم تظهر وجعها

إلا أنها لن تنسى تلك الليلة التي كانت تضع وسادتها فوق رأسها كي تكتم صوت شهقاتها المتألمة

فشعرت بكف والدها يوضع على كفها يبعد الوساده عن رأسها ويحدق في وجهها الباكي بفزع لم تخطئه عيناها

ذاك الفزع الذي كانت تراه حينما كانت تمرض في مراحل عمرها هي أو اخوانها

حينها ينقلب حال والدهما وخاصة والدها الذي كان يفرط في قلقه وخوفه وكأن تلك الوعكة التي تصيبهم هي النهاية !


حتى حينما هوت جودي ألمًا من الزائدة الدودية

تكاد تجزم انه كان سيتوقف قلبه في أي لحظة خوفًا على صغيرته الاي أصابها الاعياء فجأة وسقطت  بين يداه !


ترى في عيناه تلك النظرة الفزعه التي استقبل بها خبر وفاة جدتها..ووالدته من سنواتٍ طويلة فكان وجهه يلتوي دون تعابير سوى كامان الألم إلى أن فضحته عيناه الفزعتان وفاضتا بالدموع

لقد رأت تلك النظرة مره أخرى وهو يزيح الوسادة ويساعدها على الجلوس في الفراش ويقف سريعًا متصلا بطبيبة العائلة يخبرها أنه سيبعث لها سائق يأتي بها حالا

كي تعاود فحصها مره أخرى

وحينما مرت الدقائق ثقيلة عليه وهو يراها تبكي بخفوت وتخفي وجهها المتألم عنه

حينها أخذها للمشفى بأسرع مايمكن كي يفحصوها بعناية ويخففوا عنها ألمها في أسرع وقتٍ ممكن


تلك الليلة كانت لا حول لها ولا قوة سوى البكاء

سيدرا القوية الصامدة كانت تبكي من ألم رأسها وأباها يجلس جوارها يمسح على كفها تارة وجبينها تارة متمتمًا بذكر ماتيسر من القران الكريم كي يباركها ويخفف عنها ألمها


تنهدت وهي تدلف للمصعد وهي تُتمتم في نفسها..

-المرض بيِخضع اقوى واعتى الناس ويخليهم الأضعف

الحمدلله على الصحة والمرض


وقبل أن يُغلق باب المصعد ظهرت أحد موظفات الشركة فجأة وكادت تدلفه بعجالة ولكن تصنمت حينما رأت سيدرا داخله تراجعت خطوة للخلف ووجم وجهها وقد تراجعت أن تستقل ذات المصعد معها !

عقد سيدرا حاجباها وسألتها بهدوء...

-مش هتطلعي !


كلمتان لا أكثر قالتهما سيدرا بهدوء ودون انتباه

وكان مقابلهما من الفتاة نظرة حادة متضايقة وهي تقول بتحفظ واضح وعدم قبول لم تحاول اخفائه...

-لا هطلع بعدك


كاد الباب يُغلق مره أخرى ولكن للمره الثانية فتحته سيدرا تشير لها أن تدخل ولكن الفتاة كانت أعند من أن تستجيب لمديرتها المغرورة والتي تبغضها بكل قوتها

حينها لم تجد سيدرا سوى أن تغلق الباب وتضغط على رقم الصعود وهي تعقد حاجباها وهي تسترجع نظرات الفتاة لخاطرها..لم تكن نظرات عادية لمدير بغيض

بل نظرات غاضبة كارهة حادة رغم أن الفتاة لم تسيئ لها

إلا أن نظراتها فضحتها بوضوحٍ شديد !!


لم تفكر سيدرا أكثر وتحركت خارج المصعد حينما توقف في الدور المنشود وتحركت رأسًا إلى مكتب موسى

فهو المعني في زيارتها له اليوم..زيارة لا يعلم عنها شيء 

وجدت مساعدته جالسة أمام مكتبها تتابع العمل بانتباه

فضربتها تلك الذكرى البعيدة التي كانت فيها مساعدة موسى..تلك الأيام التي كانت صعبة في أولها غريبة في أوسطها ومربكة في آخرها

كانت تكرهه بشدة في البداية بسبب عنجاهيته ونظرته العنصرية المتهمة لها..وأوامره التي كانت تثير غيظها وغضبها وهو يحادثها ويطلب منها القهوة السوداء والدونات المحلاه التي يعشقها


ووسواس نظافته الذي يفوق المعتاد ومزاجه المتقلب

وصرامته كمدير عليها وهو يغض النظر عن كونها ابنة صاحب الشركة والفروع الأخرى

ولكن بعد مرور الوقت بدئا ينظران لبعضهما نظرات مختلفة..وكلاهما بشكل أو بآخر حمل مشاعر ثمينة لبعضهما البعض

وبدأت الاحداث تتوالى عليهما في صعاب وفراق ورفض وغضب ودموع ونبذ وعناد والكثير والكثير

ولكن الان هما خطيبان !!


استفاقت من شرودها على صوت مساعدته التي انتفضت سريعًا ترحب بها لحفاوة فبادلتها سيدرا ابتسامة صغيرة وهي تسألها...

-استاذ موسى فاضي !


حركت مساعدته رأسها بإيجاب وتحركت لتفتح لها الباب سريعًا..ولكن سيدرا أشارت لها أن تجلس وتتابع عملها

وشكرتها ثم اتجهت نحو الباب تطرقه ثم تفتحه وتدلف المكتب وهي تغلقه خلفها

ولكن موسى لم ينتبه لها..بل كان ناظرًا لحاسوبه وهو يتمتم منشغلا...

-حطي القهوة وجهزي الفايل الي مفروض نبعته لفريق التسويق ياسالي


رفعت سيدرا حاجباها وهي تمتم بصوتها الخفيض...

-سالي !!


رفع رأسه سريعًا حينما سمع ذاك الصوت ذو البحة المميزة

وبدى الذهول والمفاجأة السارة على وجهه وهو يردد...

-سيدرا !!


حركت سيدرا رأسها وتقدمت من مكتبه وهي تشير للخارج وتكتم داخلها شعور خجول لا تدري من اين جائها ولما جاء من الأساس..

-لو مشغول ممكن..


وقف سريعًا وولف حول مكتبه متجهًا لها نافيًا...

-لالا تعالي اقعدي أنا مش مشغول


حفاوته في الترحيب بها جعلت شعور الخجل يزداد أكثر ويخلق داخلها تساؤلات غريبة..لمَ هي خجولة منه لهذه الدرجة..ولمَ تشعر بسكون وتخرج نبرتها لينة هكذا 

فتنحنحت تطرد خجلها وتتحرك نحو أقرب مقعد تجلس عليه بهدوء وترى موسى يجلس أمامها وينظر لها باسمًا ويسألها...

-مقولتليش انك جاية !!


حركت رأسها بإيجاب وتنحنحت قائلة بهدوء وجدية غير متقنة...

-انت قولتلي انك هتخلص انهاردة وتروح لـ لمار وفادي النادي..شوفت ان هتكون خطوة كويسة لو روحت معاك وبدأت اتواصل مع فادي بشكل مباشر أكتر


توسعت ابتسامته وارتاحت ملامحة وبدى الامتنان واضحًا في عيناه وهو ينظر لها مليًا بصمت يتأمل ملامحها الهادئة واللا مبالاة المزيفة في عيناه محاولة أن تبدو عادية

واطالت النظر لها جعلتها تعقد حاجباها منزعجة ومرتبكة فقالت...

-بتبصلي كدا ليه..لو حاسس ان دا مش وقته وانا بفرض نفسي عليه عادي همشي و...


قاطعها موسى متنهدًا دون أن يبدد ابتسامته ولا مزاجه وهو يقول بخفوت...

-يابخته فادي


تشتت ملامح الانزعاج من على وجهها وبدت نظراتها حائرة وهي تردد دون فهم وهي لازالت تتمسك بقشرة صلابتها أمام تلك النظرات التي يرمقها بها...

-يابخته فادي !!..ليه في ايه


-يابخته انك بتفكري فيه وتقربي منه ازاي

مش زي ابوه الي مش مَرضي عنه ولا حد بيفكر فيه !


حسنًا موسى مؤخرًا يربكها بطريقة غريبة

مشاعره بدت أوضح لها بلا مواربة او خفاء

بدت كلماته تحمل تلمحيات الغزل الذي تجعلها عاجزة عن الرد فيطير ثباتها الداخلي ويبدء قلبها بالخفقات السريعة المضطربة

حتى نظراته تغيرت وبدت أكثر دفئًا ولطفًا محملة بالمشاعر..لا يتوقف عن التحديق بها يتأملها كمتذوق الفنون أمام لوحة الموناليزا !

ورغم أن كل تلك التصرفات لطيفة وتدغدغ مشاعرها

إلا أنها تجعله متخبطة مرتبكة لا تدري مالذي غليها فعله


فهي لم تذوق الحب قبلا سوى مره واحدة غير مكتملة

لم يستطع أحد مغازلتها لسببان..خوفًا من والدها ولصلابتها، فبقى قلبها عذريًا بكر لم يدخله الحب ولا الاشتياق والارتباك واللوعة والسعادة


والان بدأت تمر بتلك المشاعر بسبب موسى

فهي الان مرتبكة حائرة تقاوم ألا تقف وتغادر مكتبه كي لا تظهر في صورة فتاة مراهقة خجولة

غافلة أن فطرتها الانوثية تفرض نفسها على وجهها الذي توهج باحمرار الخجل وبعيناها اللتان زاغتا عن النظر له كي تتجنب نظراته تلك

فوجدت نفسها تقف فجأة وتقول وهي تنظر في ساعة معصمها...

-تمام أول ماتخلص شغلك هتلاقيني في مكتب شَريف 

أنا قولت لبابا..انت كمان متنساش تتصل بيه تعرفه

بابا بيحب التقدير وساعتها انت هتقدر تقرب منه وتخلق التفاهم بينكم


تبسم وهو يقف أمامها ويحرك رأسه بإيجاب قائلا...

-طب كويس طلعتي بتفكري في ابو فادي وازاي تخليه يقرب من والدك..مش فادي بس الي محظوظ..دا أبوه كمان


-انا رايحة لشَريف..لما تخلص تعالى على مكتبه

او رن عليا استناك قدام الشركة

أنهت كلماتها وتحركت لخارج المكتب سريعًا متجهة لمكتب شقيقها وهي تتنفس الصعداء وتقبض على كفها تسيطر على تلك الابتسامة التي حاولت كبحها ولكنها سطعت !!


وللمره الثانية في طريقها ترى تلك الموظفة وترى نظراتها الغير مبشرة بالخير وهي تمر جوارها وتلقيها بطاقة سلبية جعلت سيدرا حائرة لدقائق أخرى من ذاك العداء الصامت

ولكن تابعت سيرها لمكتب شقيقها الي كان غارقًا في أعمال الشركة التي صار يجيدها بالحترافية مبهرة !

                                  ***

كان ينتظر أسفل الدرج الطويل ويداه متعرقتان بشدة

جبينه يتصبب عرقًا بتوتر لذيذ جعل معدته تنقبض أكثر وأكثر..ينتظرها تطل عليه وتعيد الطمأنينه لقلبه أنها لن تهرب..وهواجسه تأكل عقله وقلبه معًا

هواجس أنها ستهرب منه وتتسرب من بين يداه في طرفة عين وتتركه وحيدًا شاردًا يبتلعه الجنون !!


ورغم أن اليوم زفافهم إلا أن ظنونه السيئة لم ترحمه

ورغم أنه واقف أسفل درج القاعة وعلى يمينه أقاربها وعلى يساره اقاربه وهو ينتظرها في المنتصف إلا أن التوتر ينهشه ويخشى تلك اللحظة التي يأتيه فيها أحدهم ويخبره أن العروس هربت !


تنفس بثقل وهو يرفع كفه وينظر في ساعة معصمه وجسده ينضح بروده وتعرق وقلبه يضخ الدماء لجسده في نبضات سريعة وهو لازال ينتظرها

حتى أطلت عليه من علوٍ كما تطل الملكة على رعاياها

كانت كعادتها 

جميلة

دافئة

مغرية

عاتية

مُدمرة


كل تلك الصفات كانت لا تليق بسواها

هي فقط من كانت تليق بالجمال وتناصف الحُسن في بهائه

كانت تجمع خصلاتها السوداء القصيرة في اكليل من الورود المتفتحة كوجنتاها

تضع أقراط لامعة كلمعة عيناها التي تجعل نبضاته تتسارع في جنونْ غريب لتلك الليلة !


اااه من عنقها وعظام الترقوة التي وضعت في فراغهما زهرتان صغيرتان من الياسمين تُزين تجويفهما بها

وفستان زفافها الذي احتواها في اناقة وبهاء كانا يضيفان السحر لطلتها المبهرة

أو هي التي تضيفهما له..هي كل جميل يزيد الاشياء جمالا

هي ليلة !


كانت تمسك الفستان بيداها وتهبط الدرج بهدوء وبطئ

وعلى فمها ابتسامة جعلت الدماء تجري في عروقه كالعسل الدافئ

كيف لها أن تكون مبهرة هكذا

كيف لها أن تسرق فؤاده منه في كل نظرة

كيف تجعل جسده متحفزًا لركض عشر سنوات دون توقف

كيف تجعل الغصة ترتفع في حلقه وأنفاسه تتهدج هكذا

بالله كيف جعلته هائمًا لتلك الدرجة !


تحرك نحو الدرج فورًا حينما مدت كفها له ليساعدها في هبوط أخر الدرج..للحقيقة هو تحرك لها قبل حتى أن ترفع يدها..اتجه لها يمسك كفها الرقيق ويرفعه لفمه يطبع قبلة هادئة طويلة في باطنة

وعيناه اللامعة تحملان نظرة أبلغ من ألف معنى

ورغم أنه لم يكن شابًا غر يصدر ردود أفعال مبالغ بها ليجذب الانتباه..إلا أنه وجد جسده يتحرك نحوها ويحتويها بين يداه يعانقها يضمها لجسده بقوة غريبة جعلتها تضحك بخفوت وخجل وتهمس...

-ايه رأيك فيا !..حلوة ؟


تنهيدة طويلة خرجت من فمه وهو يشدد احتضانه لها ويتمتم بنبرة ثقيلة متعبة مُحبة...

-هو في حد حلو غيرك ياليلة..انتِ ليلتي


طال عناقه لها لدرجة أنها رفعت كفها تربت على ظهره فشعرت بجسده متصلب بطريقة جعلت جبينها يتجعد وهي ترفع كفها لعنقه وتداعب خصلاته هامسة...

-صالح أنت كويس


ابتعد عنها أخيرًا ينظر لوجهها بعينان لامعتان بالدمع

وأنفاس متهدجة سعادة وراحة وبقايا قلق ...

-كويس !! أنا كويس جدا جدا..


تبسمت له وحركت رأسها بإيجاب ورفعت كفها تمسح على بدلته فوق صدره وتضبت ياقة قميصه هامسة بنبرة خجولة باسمة...

-انت حلو اوي انهاردا..البدله طلعت مناسبة عليك زي ماتوقعت بالظبط..عشان تعرف ان ذوقي حلو بس


أنهت كلماتها وعيناها تحتويان هيأته في نظرة شاملة

تقيم بدلته التي احتوت جسده العريض وناسبت طوله بل وأضفت عليه بهائًا ورجولة كانا في الأصل في دون كل هذا التأنق

ولكن اليوم كان ميمزًا رائعًا خاصة وهو ينظر لها تلك النظرة التي تجعل قلبها ينبض برقة لذيذة تُشعرها بأنها انثى متفردة لا مثيل لها

لطالما أشعرها صالح انها أجمل فتاة رأها

لهفته لها تزيد شعورها بالزهو أن هذا الرجل اختارها دونًا عن الجميع وأغدقها في حبه دون أدنى تردد


صالح الذي كان في الماضي مديرها الصارم الجذاب والـ "كاريزما" كما كان يُلقب من زميلاتها في المكتب

هو ذاته صالح المحب الملتهف الذي لاحقها حينما سافرت ولم يتوقف عن ترديد مشاعره لها دون خفاء أو ملل..وايضًا دون أن يشعرها انه " ضعيف يعميه العشق"

بل كان يمزج بين المشاعر والقوة والاصرار فيشتتها ويجعل قلبها ينبض بتوتر وحيرة

يجبرها أن تتقلب على وسادتها ليلاً وهي تفكر فيه إلى أن يطلع الصبح ولازال صالح يسكن بين عيناها

محظوظة هي بحب صالح لها

محظوظة بصالح ومشاعره القوية التي تجعل زميلاتها في المكتب يسألن بدهشة بين بعضهن 

أهي "سحراله " ليكون معها بكل هذا اللين والرقة !


استفاقت من شرودها على صوت والدها وهو يغمغم لصالح ببعض الضيق...

-هتفضلوا واقفين باصين لبعض كتير..يلا عشان الفرح

المعازيم زهقوا من الانتظار


ضحكت بخفوت وهي تتحرك مع صالح الذي وضع يدها في يده وسار بها حيث زفافهما المقام في مكانٍ بلا جدران

فوقهما السماء الصافية اللامعة بالنجوم الساطعة والانارات القوية

فهي أصرت أن تقيم زفافهما في مكان مفتوح

فهي تكره القاعات المغلقة وتشعر بالاختناق بها

فوافق على اقتراحها باقامته في أحد الاماكن الراقية المخصصة للاحتفالات تحت السماء الصافية

والأرض المغطاه بالعشب..والطاولات الانيقة موزعة بنظام ورُقي ليناسب احتفالهم بيومٍ مميز كهذا 

وليلة كانت دقيقة ومنظمة جدًا في كل شيء يتعلق بزفافهما..فكانت صعبة الارضاء في الترتيبات بسبب انتقائها الشديد..وهوسها باقامة زفاف رائع يترسخ في أذهانهما رغم مرور السنوات كذكرى رائعة لا تُنسى


ورغم أنها كانت حريصة وانتقائية فيما يخص التحضيرات والديكورات والمكان والتفاصيل ليكون زفافهما مثاليًا

كان هو لا يهتم لشيء سوى أنها ستكون معه في منزل واحد..ستكون زوجته وحبيبته والأقرب لقلبه وعيناه من الجميع

لم يهتم بالزفاف والشكليات والمثاليات

فطالما هي معه سيكون كل شيء مثاليا

لن يحتاج شيء أخر..سيكون الأكثر سعادة وراحة

كما هو الان في هذه اللحظة

 كان يوزع ابتسامات على الحضور وهي كذالك والموسيقى الافتتاحية للزفاف كانت تليق بالأجواء الراقية الدافئة والمفعمة بمشاعرهما 

وهما يسيران على العشب ونسمات الهواء الطلق تداعب وجهيهما وتحرك خصلاتها المحتجزة خلف اكليل الورد


توقفا ليسلما على الحضور

يعانق والدته التي كانت تبكي بسعادة لرؤية ولدها يتزوج أخيرًا من ليلة اللطيفة..التي تعتبرها في مقام ابنة لها

وكذالك شقيقته التي بدت سعيدة وحماسية لزواجه

وعانقته بقوة تخبره بانتظارهم أن ينجبا أطفال جميلين مثلهما لتزوجهم لأولادها وتخبرهم أنها " حجزت أولاً "


أما ليلة فعانقت والدها وشقيقتها ووالدتها وكلا منهم يكتم دموعهم وهم يروها في أبهى طلة يوم زواجها

عيناها لامعتان والابتسامة تزين وجهها

يخبروها أنهم معها دائمًا ويتمنون لها السعادة ويباركونها لتظل سعيدة دائما


مضى بعض الوقت وهم يبادلون الأقارب والاصدقاء التحيات والتبروكات بكلماتٍ رقيقة شاكرة على حضورهم ومشاركتهما سعادتهما في هذه اللحظة

مروا على الطاولات طاولة طاولة يسلمان على ضيوفهما بتواضع وابتسامات واسعة جميلة

وأكثر ماكان يسعد صالح أن ليلة كانت رقيقة والأكثر لطفًا وهي تسلم على عائلته البعيدة وجيرانهم وأصدقاء والدته

لطيفة لدرجة أنهم أحبونها من بضع دقائق قليلة فقط !

كيف لا يحبها وهي تأسره في كل لفتة منها وأصغر تصرفاتها وأكبرها !!


جاء وقت رقصتهم على أحد الاغاني الأجنبية التي اختارتها هي بعناية

فوقفا في المنتصف تضع يداها خلف عنقه وهو يحاوط خصرها ويقربها منه ويراقصها ويقربها لصدره ناظرًا لعيناها نظرات شغوفة وعيناه تتنقلان من عيناها اللامعتان لثغرها الأحمر الذي ينفرج في تمتمتها الناعمة لكلمات الأغنية

وهي تبتسم وتميل رأسها وتداعب مؤخرة عنقه دون أن تشعث خصلاته وهي تتنهد


"The day we met..Frozen I held my breath

Right from the start

I knew it I found a home for my

Heart beats fast..Colors and promises

How to be brave

How can I love when I'm afraid to fall

But watching you stand alone

All of my doubt suddenly goes away somehow"


ترجمة الاغنية 

"اليوم الذي التقينا فيه..حبست نفسي متجمدا

من البداية لقد عرفت اني وجدت بيتا ..قلبي يخفق بسرعة الوان و وعود..كيف ان تكون شجاعا

كيف لي ان احب وانا اخاف ان اسقط..لكن رؤيتك تقف وحيدا ..كل شكوكي فجاة تختفي بطريقة ما"


أمال رأسه على جبينها وهو يهمس بنبرة مبهورة بها هائمة فيها خُلقت لها...

-ليلة


همهمت وهي تتنفس وتغمض عيناها منتشية..

-هممم


لم يغمض عيناه ويضيع عليه وجهها الرائع عن قرب بعيناها المغمضتان فهمس بأول كلمة في خاطرة وقلبه وعلى لسانه

-أنا بحبك


تبسمت دون أن تفتح عيناها واكتفت بمداعبة عنقه وهي تميل بجسدها على جسده دون أن تأبه بالنظرات حواهما ترصدان أي فعل لهما..فهما الان يعيشان لحظاتهما الخاصة

التي ستعيش معاهم لسنواتٍ وسنوات

لا وقت للخجل..لا وقت للتوتر..لا وقت لأي شيء يمنع مشاعرهما من الظهور عليهما ولحولهما


طال انتظاره لاجابتها على اعترافه التلقائي

ولكنها لازالت صامتة تراقصة مغمضة..تتلاعب بنبضاته

تعقد مشاعره حول خصرها وترقص بها تاركة اياه يتلظى بمشاعره دون هوادة

همسة أخرى خرجت مندفعة منفعلة منه وكأنه يسألها...

-لــيلة


فتحت عيناها تبعد كفها عن عنقه ومدتها لوجنته تداعبه وتبعد رأسه عن جبينها كي يتسنى لها النظر له جيدًا

وهي تنظر لوجهه مليًا قبل أن تقول بخفوت ودلال امرأة تعلم قدرها في قلب رجُلها...

-عارفة انك بتحبني ياصالح..وعايزاك تحبني أكتر وأكتر

عايزة نظراتك دي متتمحيش من عينك ابدا كل ماتبصلي

بحس اني الست الوحيدة الي في الدنيا لما بتبصلي كدا

انت عودتني انك تحبني بطريقة محدش حبني بيها قبل كدا..ورغم كدا عايزاك تحبني أكتر وأكتر


جاء تساؤله هادئًا خافتًا وقد افترت شفتاه عن ابتسامة

-أكتر من كدا ؟!


حركت رأسها بإيجاب ولازلت أناملها تداعب وجنته وتردد بذات الخفوت المغري ذو المذاق الحلو في فمه...

-أكتر من كدا


تنهيدات أخرى متتابعة خرجت وتحررت من صدره وهو يتأملها ويقاوم ألا ينخفض ويخطف ثمار ثغرها ويخبرها أن كل مافيه يحبها ويحبها أكثر بكثير مما تظن

أكثر بكثير مما تستوعب..أكبر بكثير من مشاعرها وأكثر مما تحتمل !!

لكن ما منعه بعض التعقل وخاطره الذي نبهه بوجود ذاك الجمع حولهم..ووجود الاطفال ايضًا

سيخبرها بكل شيء حينما يصلان لبيتهما

لا لن يخبرها..بل سيعلمها تحبه بذات القدر..لا وجود للحديث بينهما لا اليوم ولا غد ولا بعد أيام

في هذه اللحظة يودها أقرب له من عروقه..يودها ملاصقة لها أكثر من دوام وقرب عطره لجسده


أن تختلط بأنفاسه ويضع خيالاته قيد التنفيذ

لطالما كانت بطلة أحلامه بكونها قربه ومعه وتشاركه مشاعره وأنفاسه..أن تختلط بدمائه وتكون الأقرب له ككيانه..لا بأس مجرد بعض الوقت..القليل جدًا من الوقت

عاد يعانقها وهو يهيم بها على كلمات الاغنية التي ناسبت شعورهما الان


"One step closer

I have died everyday waiting for you

Darling don't be afraid I have loved you

For a thousand years

I'll love you for a thousand more"


"خطوة واحدة اقرب

لقد مت كل يوم وانا انتظرك

يا عزيزي لا تكن خائفا فأنا احببتك لألف سنة

وسأحبك لألف سنة أخرى "


بدأت ليلة تعاود التمتمة بكلمات الاغنية وهي تبتسم له وتحرك رأسها مع كلمات الاغنية التي كانت كالاعتراف له بمشاعرها..اعتراف متوارٍ في نظراتها وتمتماتها

وحتى بمداعبتها لعنقه تزيد الحب أضعافًا في قلبه وهي تهمس له بوضوح...

"And all along I believed I would find you

Time has brought your heart to me

I have loved you for a thousand years

I'll love you for a thousand more"


"وكل هذا الوقت اعتقدت اني ساجدك

الوقت قد احضر قلبك لي

لقد احببتك لألف سنة

وسأحبك لألف اخرى"


ورغم أنه لن يعيش لألف لسنة لتعشقه فيها

إلا انه يكفيه أن تعشقه ليوم مماته..يكفيه أن تكون جوار قلبه إلى أن يتوقف عن نبضه كما مات قيس وعنترة في هوى المعشوقة

ولكن هذه المره يود أن يموت في هواها هي ومعها هي !


بعد وقتٍ طويل انقضى الزفاف وغادرا وسط توديعات العائلة والأقارب والاصدقاء الذينٰ شيعوهما بالدعوات الصادقة والتمنيات بالسعادة والتوفيق في حياتهما.

فاتجهوا نحو منزل الزوجية وكلاهما صامتان باسمان

تناظره بنظرات باسمة خجلة مرتقبة يشوبها القليل من التوتر..القليل جدًا في الحقيقة

أما هو فكان يحتوي كفها بين أنامله يحاوطها ويشدد عليها بهدوء وعينان تخبرانها ان مشاعره ستبتلعها في دوامة هي تجهلها..ورغم جهلها فعليها أن تكون مستعدة دائمًا


بخطواتٍ بطيئة من كلاهما وهما يدخلان المنزل وهو لازال يمسك كفها ويتطلع للمنزل والأثاث الذي اختاراه سويًا

كل ركن وكل قطعة في المنزل كانا شركاء في اختيارها

كل بقعة في المنزل الذي خطيا فيها يضبطان شقتهما لتناسب حياتهما واستقرارهما بها..لهما ذكريات كثير اثناء تجهيز المنزل في الفترة الماضية

وهما يضحكان يتمازحان..يتجادلان فيما يخص الترتيب

وهما متعبان من ترتيبات المنزل..وهما يتبادلان القبلات في أحد الاركان..وهما غاضبان...

حان الوقت ليترك ذكرى جديدة وهما زوجان


لذا التفتت لها ينظر لها مليًا وهو يرى وجهها يضخ الدماء الخجولة ويدها تعبث في فستانها وتقف جواره تنظر له بذات النظرات المرتقبة المتوترة

تأمل الورود فوق رأسها فقترب خطوة منها ينزع اكليل الورد من فوق رأسها برقة ويضعه على أقرب مقعد قريب منهما..ثم نظر لورود الياسمين في فراغ غظمتي الترقوة يبعدهما عنها  وينظر لوجهها عن قرب أكثر

لا يدري مالذي يفعله..ايتركها هذه الليلة كي ترتاح

أم يترك مشاعره تجتاحها وتخرج من قفص جسده

يخشى أن يخيفها بمشاعره الجياشة..ويخشى أن يموت قهرًا إن تركها تتحرك خطوة بعيدًا عنه


ظل يداعب خصلاتها السوداء وحيرته ظاهره في عيناه

يكبح عنها شياطين رغبته التي تنهش في صدره وتخبره أن يندفع ويقتلعها من الأرض ويزرعها في جسدها كما تُزرع البذور في الأرض الطينية فتنبت الورود مثلها

ظل يصارع عقله ونفسه وشياطينه وقلبه وطال صمته

إلى أن رأها تقترب منه خطوتان وتخلع حذائها العالي

وتضع قدماها فوق حذائه ترتفع له وتحاوط عنقه وتجذبه نحوها لينخفض لها كي تطبع ورودها على ثغره

وتترك أثر حمرتها على فمه الذي أخذته في قبلة رقيقة كانت كالموافقة الصامتة والاتاحة له لينغمس في المشاعر دون تفكير أو قلق


كانت خطوة واحدة..وقبلة واحدة 

شيئان وحيدان بدأتهما هي كي تطمئنه

فخرجت شياطين نفسه فورًا كما يخرج سرب الطيور باندفاع إلى السماء الواسعة

فاقتلعها من الأرض فورًا يحتجزها بين ذراعاه ويستلم دفة القيادة مظهرًا لها الجانب الأخر من صالح الهادئ

جانب لم تكن لتراه سوى في بيتهما دون رقيب عليهما

وهو يمرغها في ذراعاه يبثها حبه وشغفه والكثير من الجنون الذي شاركته فيه بفطرة مندفعة وقلبٍ مُحب !!!

                                  ***

كان وائل جالسًا أمام البحر الذي لا يظهر من سواد الليل

شارد الذهن واجم الملامح بدر الهم واضحًا على وجهه

وعلى مقربة منه كانت زينة جالسة بفستان السهرة وزينتها التي وضعتها هبائًا اليوم

فوائل الذي جاء لمنزلها في المنصورة واصطحبها للاسكندرية واشترى لها فستان يناسب زفاف ابنة عمه

و أوصلها لمركز تجميل كي تضع زينة مناسبة وذهبا لحضور الزفاف والاعتذار من ابنة عمه..ولكن تصنم


لم يستطع الاقتراب ومواجهتها فوجدته يمسك يدها ويغادر سريعًا قبل حتى أن يصلا إلى تجمع الاحتفال

غادرا قبل أن تطأ قدماهما أرض الزفاف !!

وجاء بها إلى الشاطئ وجلس صامتًا لساعات وساعات إلى أم ملت من الجلوس هكذا ومن صمته..فتحدثت بحنق تبدد هذا الصمت وقد فاض كيلها منه ....

-طالما كنت بتحبها كدا ماكنت تقدملها وتتجوزها بدل ما تحاول تعمل الي كنت عايز تعمله


بدى صوتها بعيدًا وكأنه أتٍ من بئرٍ سحيق فاستفاق من شروده الذي كان كاحلام يقظه وهو ينظر لها بعينان تائهتان ...

-بتقولي ايه !


-تأملت زينة وجهه منزعجة وهي تتأفأف قائلة..

-بقولك ماكنت تتجوزها بدل شغل وائل جسار  دا


-وائل جسار !!


حركت رأسها بإجاب وتنهدت تجيبه ممتعضة وهي تنغمس في سرد معنى كلماتها...

-بتاع فيديو كليب اعذريني يوم زفافك مقدرتش افرح زيهم مخطرش ابدا يوم في بالي اني ابقا واحد منهم

ماانت كنت شبهه وانت واقف على باب الجنينة

ماكنت تتجوزها وتريح نفسك واهو زيتكم في دقيقكم


رغم عُظم الموقف..وضيق نفسه وندم روحه إلا أنه وجد نفسه يضحك على كلماتها..لا يدري علام يضحك

ولكنه ضحك وهو يحول نظراته لظلمة البحر وهو يغمغم بكلمات الاغنية...

-قصدك لما قالها جايلك بهني واقف بغني !


حركت رأسها نافية وهي ترفع سبابتها رافضة وتعيد صياغة الاغنية بجدية...

-لالا دا خطأ شائع..هو بيقولها جايلك بغني واقف بهني

الناس كلها بتسمعها غلط..بس انت لو تلاحظ هتلاقيها أول ماجه الفرح غنى الاغنية بعد كدا راح قدامها سلم عليها وهناها


للمره الثانية يضحك وهو يرفع يده لجبينه يمسحه إلى أن سمع صوت زينة تغني بصوتها النشاز...

- انت مش مصدقني طب حتى بص كان بيقولها ازاي

جايـــلك بغني وااااقف اااه بهني..معرفشي ايه ايه الي جابني غير اني اشوفك بس وامشي..معرفشي ليه ايه الي جابني غير الي اشوفك بس وامشي ومش هاممني اصعب عليهم كلللهم


هنا ظل يضحك حتى دمعت عيناه وبدت قهقهاته غريبة على ذاك الموقف المريب وسكون الليل حولهم وحتى مزاجه المتعكر وعبوسها

ولكن كل ماتفعله الان يضحكه دون إرادة منه أو منها

أفكارها وتعليقاتها وحتى صوتها النشاز أضحكه حتى دمعت عيناه ورفع كفه يمسحها قائلا...

-دا انتي حافظة الكليب بقا !


نظرت لجانب وجهه مليًا وتنهدت قائلة...

-اه حتى في الأخر عيط زيك كدا


جعد جبينه يقاوم ضحكات أخرى وهو ينظر لها بذهول..

-بس انا دمعت عشان انتي بتضحكيني مش عشان هي اتجوزت


-وهربت قبل ماندخل عشان أنا بضحكك بردو !


تبخرت ضحكاته وعاد وجهه ينكمش مره أخرى وهو يبعد عيناه عنها وينظر لظلمة البحر قائلا بعد وقت بنبرة صريحة لا يدري سببها حتى..

-لا أنا هربت عشان شوفتها مبسوطة وبتضحك

حسيت انها لو شافتني ممكن أبوظ لها أحلى ليلة في حياتها..حسيت اني لسه معنديش شجاعة اواجهها


جعدت زينة حاجباها وصمتت للحظات وهي تشعر بقشعريرة جسدها كلما تذكرت أن زوجها كاد يكون مغتصبًا فقالت بخفوت...

-يعني ندمان على الي كنت هتعمله !


تنهيدة ثقيلة موجعة خرجت من صدره وهو يغمغم...

-مش ندمان على حاجه في حياتي قد ندمي على اللحظات دي..ندمان اني سيبتلها ندبة هتفضل في قلبها

وندمان اني سيبت شيطاني يتحكم فيا..الحاجه الوحيدة الي ممتنلها هو ان واحد فوقني وقتها وفتحلي دماغي 


-واحد مين 


-واحد كدا ابن ناس اغنياء كنت قاعد معاه في بيته..كان بينا صحاب مشتركة وطلبوا منه اني اسكن معاه فترة معينة وبعدها امشي

وقتها هو الي ضربني وخلا ليلة تمشي بسرعة

لولاه كنت عيشت عمري كله ندمان وحقير ومستحقش الا الموت على الي كنت هعمله


حركت رأسها بإيجاب ولم تشأ تانيبه وهي تستشف تلك النبرة النادمة المتمنية أن يعود للخلف كي يصلح ماافسده

فهمست متنهدة...

-احمد ربك ان في حد جه لحقها..وإلا هي الي كانت هتعيش في عذاب سواء انت عيشت او مُتت

الحمدلله ان ربنا نجاها من شيطانك وقتها


أشاح رأسه عنها مغمغمًا بكلمات لم تسمعها..فشعرت ببعض الندم انها اتاحت له الفرصة ليسترجع تلك الذكرى السيئة فتنهدا قائلة بواقعية بدت قاسية رغم انها حاولت مواساته...

-واهو عموما انت ربنا هداك وهي الحمدلله ربنا عوضها براجل بيحبها..شوفت كان بيرقص معاها ازاي

وشكلها هي كمان بتحبه..وان شاء الله يعيشوا سعداء وربنا ينسيها الي حصل خالص..واهو ربنا جابلها حقها منك واتمرمط في بلدنا وربنا ردلك الموضوع واتجوزتني انا كمان رغم ان في اتنين حاولوا بردو واخويا نجدني بعد ربنا..


لم يدري مالذي ينبغي عليه فعله او الشعور به عقب كلماتها

أهي تعايرة أم تواسية أم تؤنبه !

لت يدري سوا أن الصداع ضرب رأسه فجأة وبدأت انامله ترتعش بلا ارادة في حالة نفسية تنتابه وقت الانفعال

فتحدثت سريعًا وهي تشير ليده....

-أهو وائل جسار اترعشت ايده بردو وهو واقف على جنب في الجنينة..شوفت بقا عشان تصدقني لما اقولك انك زيه

طب استنى كدا اجيبلك الكليب تشوفه..الباقة هتخلص بس مش مشكلة


أخرجت هاتفها وشرعت في تشغيل الاغنية فجعلته يضحك مره أخرى وهي تقرب الهاتف منه وتشير للفتات وائل جسار وهو يغني بشجن وهي تقارن بين حزنيهما اثناء زفاف المعشوقة..ووائل يضحك بلا ارادة منه وعيناه تدمعان مره أخرى..ولكن هذه المره لا يعلم أتدمع عيناه حزنًا أو من فرط الضحك


وفي كل الأحوال هو ممتن أن زينة لم تتركه لوحدته وعقله

                                    ****


تجمعت الفتيات في الغرفة بعدما انتهوا من مساعدة علية في تنظيف اطباق العزيمة الشهية التي اعدتها لهن بمناسبة قدومهن وقضاء اليوم مع غزال

-بتهـــزري قالك كدا


جملة استنكارية ألقتها ريشة التي كانت تجلس أمام غزال الواجمة وجوارها رغدة التي كانت شاردة تمامًا

فتنهدت غزال قائلة بصوتٍ مختنق...

-ههزر في الحجات دي ياريشة..بقولك قالي مش أنا الي يتلوي دراعه وقفل السكة في وشي

ومن بعدها لا اتصل ولا حتى فكر يجيلي..يومين بحالهم


صمتت للحظات وهي تنظر لكفها تحاول خنق عباراتها التي تهدد بالهبوط والافصاح عن مدى حزنها وغضبها من جمود قلبه وصلابته التي تؤكد أنه عاصي لهواها

فهمست بما يجول في خاطرها بمنتهى البؤس ...

-انا مش فارقة معاه أصلا..أنا الي غلطانة وبقيت واخدة كل حاجه على قلبي هلومه ليه على بروده معايا


صفعت ريشة كفها بخفة توبخها بحنق رغم حزنها على حزن صديقتها...

-ايه مش فارقاله دي هو انتي صاحبته

دا انتي مراته..وبعدين مااحنا عارفين من زمان ان سلطان ناشف شويه..انتي ناسية كان عامل ازاي وقت جوازة حسن ورغدة !


رفعت غزال عيناها الدامعتان تنظران لريشة للحظات وهي تغمغم بصوتٍ خفيض متحشرج...

-زمان كنت غريبة عنه..دلوقتي أنا مراته ياريشة

دا انتي جوزك مبيستحملش تباتي بعيد عنه، أنا هونت عليه أنام معيطة وهونت عليه أبات يومين هنا ولا حتى هان عليه يتصل بيا..انا بالنسبة لسلطان زيي زي أي حاجه في بيته


تدخلت رغدة التي تنهدت وربتت على كتف غزال قائلة بلطف...

-اهدي بس ياغزال..سلطان طبعه صعب ومش متعود على طبعك ولا طبيعة انك تزعلي ويراضيكي..وانتي بردو مكانش ينفع تسافري كدا من وراه..أنا يومها نبهتك انه هيقلب الدنيا ومش بعيد يجي يجيبك من شعرك و...


انتفضت غزال من الفراش وقد شهقت باكية والغضب يتملكها من اللوم والعتاب التي هي في غنى عنه في هذه اللحظة فقالت...

-مقلبش الدنيا يارغدة..انا استنيته يقلب الدنيا ويجي ياخدني انما هو رماني ولا كإني ليا لازمة عنده

أنا مش هكمل معاه..أنا هطلق من سلطان


شهقت ريشة بفزع من كلماتها المنفعلة بينما وقفت رغدة تهادنها وهي تمسك بمرفقها وتقول بهدوء...

-يابنتي اهدي وبلاش جنونك دا..هتطلقي منه عشان سابك في بيت خالك يومين عشان سافرتي من وراه !

اقعدي كدا استهدي بالله وامسحي دموعك دي وهنلاقي حل


مسحت غزال دموعها بعنف وهي تهتف بعصبية تخالف ضعفها منذ لحظات...

-مش عايزة حلول..هطلق منه يعني هطلق منه

خليه يشوفله قالب تلج يتجوزها وتنفع معاه

انما خلاص قررت انا مش عايزاه


ألقت كلماتها وهي تتحرك نحو هاتفها الموضوع أعلى الطاولة تمسكه بتهور وتفتح قائمة الرسائل وتصغط على صندوق المراسلة وتكتب فيه باصابع سريعة وهي تُتمتم بغضب حزين...

-طالما من أولها حياتنا هتكون كدا يبقا بلاها أحسن


تحركت رغدة نحوها سريعا تسرق الهاتف منها وتنظر في صندوق الرسائلة فتوسعت عيناها وهي ترى الكلمتان المندفعتان التي ارسلتهما غزال

"تعالى طلقني "

فصاحت رغدة بحدة...

-انتي اتجننتي..قولتلك ألف مره تتصرفيش بتهور

انتي كدا بتخربي بيتك ياغزال


وقفت ريشة سريعًا تتجه نحو رغدة تسألها بقلق...

-هي بعتتله


مدت رغدة يدها بالهاتف وهي تنظر لغزال نظرات نارية وتقول بحنق ..

-غزال فوقي كدا من التصرفات دي واقعدي نتكلم بالعقل

سلطان مش الشخص الي تعاندي معاه خالص و


قاطعتها شهقة ريشة وهي تصع كفها على فمها وتحدق في الهاتف بعينان متوسعتان خائفتان..مما جعل رغدة تنظر لها بقلق وغزال تصنمت وتجمدت أطرافها وهي تهمس من بين أنفاسها بعدم ثقة في تمسكه بها...

-طلقني صح !


ولم تستطع ريشة التحدث وهي تضع الهاتف أمام وجههيما وهي تقول بنبرة مرتبكة...

-انتي كنتي مستنياه يقلب الدنيا..أظن انك هتتمني لو فضل على بروده


امسكت غزال الهاتف بأنامل مرتعشة تنظر لتلك الكلمات المرصوصة أمامها بمنتهى الصرامة..فرمشت للحظات وخفق قلبها بضرباتٍ مضطربة فخرجت من محادثته سريعًا واتجهت نحو الفراش تجلس عليه وقد بدت قدماها هلاميتان وهي تخرج رقم حماتها وتتصل بها وتضعها على مكبر الصوت ليأتي صوت السيدة سعاد فقالت سريعًا...

-ايوه ياطنط..هو سلطان عندك !


وصلها صوت حماتها مبتهجًا وهي تغمغم بصوتٍ منخفض خشية من أن تسمعها سلوى التي أتت لقضاء اليوم معها....

-ماانا بقالي ساعة بتصل بيكي اقولك وانتي مبترديش عليا..سلطان خارج من بدري عشان يجيلكم ويرجعك

..دا حتى معاه حسن كمان.. ايه هو لسه موصلوش كل دا !


قبل أن تجيبها سمعوا صوت باب الغرفة يُفتح وعلية تظهر من خلف الباب بوجهٍ بشوش باسم وتقول...

-جوزك جه تحت ياغزال قاعد مع خالك..كان جاي ياخدك بس خالك مسك فيه انه يبات عندنا 


ثم نظرت لريشة ورغدة وهي تبتسم لهن برفق...

-وجوازتكم  انتوا كمان جم من خمس دقايق وقاعد مستنينكم تحت..تقريبا اجوزاتكم كلكم مش قادرين على بُعدكم..ربنا يصلح حالكم يارب 


نظرت غزال لريشة التي اتجهت سريعًا تجذب حقيبتها وهي تنظر لساعة معصمها هامسة...

-معقول عدى سبع ساعات من ساعة ماجيت !

مخدتش بالي من الوقت


ثم نظرت لغزال وانخفضت عليها تُقبل وجنتها سريعًا وتهمس بعجالة....

-حاولي تصلحي موقفك..العِند معاه هيسبب خساير

أنا هنزل لشريف بقا عشان نلحق نمشي قبل الدنيا ماتضلم


اتمت كلماتها وهي تودع رغدة وعلية وتهبط سريعا بجوار علية التي كانت تهبط الدرج وتضحك على تلك الملتهفة لزوجها الذي أتى كل تلك المسافة ليقلها خصيصًا رغم يومه المليئ بالأعمال في الشركة

فلم تستطع منع ابتسامتها وهي تهبط الدرج حيث الدور الأرضي..حيث يجلس كل من سليمان وسلطان وشريف

فاتجهت ريشة نحوهم تلقي التحية وهي ترى شَريف يقف لها باسمًا فاتجهت نحوه تقف جواره وهي تراه يلقي تحية الوداع للجميع


قبل أن يمسك كفها يتحرك خارجًا من الدار بخطوات رزينة وقد ارتفعت يده يربت على ظهرها ويهمس لها بشيء جعلها تضحك بخفوت قبل أن يفتح لها باب السيارة لتصعد..ويتجه نحو المقعد الأخر وهو يمد كفه لوجنته يربت عليها قائلا شيء أخر جعله تميل لكتفه ضاحكة


أما غزال فكانت تقف في الشرفة تنظر في أثرها بجسدٍ خائر ولسانها يتمتم دون إرادة...

-الندلة


سمعتها رغدة واتجهت تقف جوارها تربت على ظهرها متنهدة وهي تقول بهدوء وتعقل...

-لا مش ندلة..هي دلوقتي او بعدين هتمشي..وأنا كمان دقايق وهمشي مع حسن ياغزال..مش هيفضل غيرك انتِ وسلطان، يعني مش هيبقى فيه معاكي الي تتحامي فيه

يعني عندك اختيار من اتنين..ياتقوي قلبك ومتحتاجيش لحد وتواجهي بدل شغل العيال دا..ياتتحامي فيه هو منه


اتجهت غزال نحو الفراش والقت رأسها على الوسادة جوارها تدفن وجهها فيها والخوف يأكل قلبها كلما تذكرت تلك الكلمات التي حوتها رسالته..كان يهددها بمنتهى الصراحة

يتوعد لها بإعادة تقويمها كي تتوقف عن ترديد كلماتها الحمقاء كما قال...وكان أول تهديد يوجهه لها

فهمست وهي تضرب بكفها على رأسها...

-أنا غبية غبية


أمسكت رغدة كفها تمنعها عن صفع رأسها وقالت بجدية

-غزال أول وأخر مره هقولك تعملي ايه معاه..غير كدا هسيبك لنفسك تمشي حياتك لوحدك..عشان لو سيبتك لتصرفاتك مش بعيد الاقي سلطان مطلقك اخر مايزهق

سلطان مش عايزة العيوطة الي تغضب وتسيب البيت

خليكي ذكية وخليه هو يمسك فيكي ياغزال

متعمليش زي يسر وتكوني باردة ولا تكوني عيلة صغيرة قماصة مضطر كل شويه يصالحها


رفعت غزال رأسها لها وحدقت فيها بنظرات حائرة متوسلة..

-يعني أعمل ايه !


لمعت نظرة التصميم في عيناي رغدة وهي تربت على كتفها وتقول بدهاء...

-هقولك


بعد نصف ساعة كانت رغدة تهبط من الدور العلوي وتتجه حيث سليمان وحسن وسلطان وقد غادرت ريشة وزوجها منذ عشر دقائق أو أكثر..فخطت نحوهم تلقي التحية

ثم تنخفض على اذن علية وتهمس لها بصوت مسموع للجميع...

-غزال تعبت تاني ياابلة علية كانت هتاخد مسكن تاني لكن أنا منعتها..لو طلبت منك مسكن متديهاش

لحد دلوقتي واخدة تلات حبايات من غير أكل


جعدت علية جبينها بقلق على صغيرتها التي يلفها الاعياء منذ أتت فحركت رأسها بإيجاب 

حتى أتى صوت سليمان جوارها يسألها...

-غزال مالها ياعلية !


تحدثت علية بتلقائية وهي تتنهد بقلق..

-من ساعة ماجت وهي دماغها وجعاها..قعدت ورقيتها بردو الصداع مش راضي يروح..عمالة تبلبع برشام صداع من غير ماتاكل..دا لولا ريشة غصبتها الصبح اول ماجت انها تفطر معاها مكانتش هتاكل


مع كل كلمة تقولها علية كانت رغدة تنظر لسلطان بطرف عيناها وتتابع انفعالاته مع كل كلمة..وكان أول ماالتقطته عليه هو انكماش جبينه وعيناه المسمرة أرضًا يسمع ما يقال عن زوجته بتركيز وانفعال مكتوم 

بالطبع لم يخفى عليها غضبه الذي ينبعث منه..ولكن كلمات علية أضافت قلقًا خفف من حدة غضبه


قطع تفكيرها وقوف حسن وهو يقول باسمًا...

-يادوب نلحق نمشي أنا ورغدة بقا عشان سايبين الولاد مع ماما وسلوى من الصبح بدري..عايزين حاجه مننا


وقف سليمان يودعه وكذالك سلطان الذي وقف وسار معهم بخطوات واسعة وهو يربت على كتف شقيقه ويعطيه مفتاح سيارته ليعود بها

فاتجهت نحو علية وهي تودعها وتقول بصوتٍ مسموع مره أخرى...

-متنسيش ياأبلة علية تاخديها المستشفى الصبح تكشف

أنا سيباها نايمة فوق..شوية كدا صحيها تاكل يمكن الصداع دا سببه ضعف وقلة غذا


انهت كلماتها وهي تتجه للخارج مع زوجها تستقل السيارة في المقعد الأمامي المجاور له وهي ترى سلطان يتحدث مع سليمان قبل أن يتجه للأعلى بخطوات واسعة يأكل الدرج ويصل للدور العلوي !


فتبسمت رغدة وهي تتنهد وتهمس في نفسها...

-يارب ياغزال ماتبوظي الدنيا..ربنا يهديكي يارب


قطع شرودها يد حسن التي امتدت كي يمسك كفها المرتاح على فخذها ويقول باسمًا وعيناه تحملان مشاعره الواضحة كما الماضي...

-قضيتي يوم حلو مع صحابك !


ارتبكت فرائسها للحظات من لمسته فسحبت يدها ترفعها لشعرها تضبط خصلاتها المشعثة "الوهمية" وهي تغمغم بإيجاب وتحاول الحديث براحة....

-اه كان يوم حلو..ريشة كانت وحشاني


-وانتي وحشتيني يارغدة..الكام ساعة دول كانوا طوال

نطق بتلك الكلمات بنبرة خافتة صادقة تحمل معانٍ عديدة جعلتها تشيح وجهها عنه وهي تغمغم متغاضية عن كلماته ...

-زمان الولاد زعلانين مني اني سيباهم اليوم بطوله


فهم هروبها منه

هي رغدة التي يحفظها كخطوط كفه

فتنهد ولم يتخلى عن ملامحه المتسامحة الصبورة وهو يقول متابعًا القيادة...

-لا متقلقيش زمانهم هلكوا نفسهم لعب مع ولاد رغدة

يدوب نروح ناخدهم ونروح عشان يناموا

المهم انك اتبسطتي


حركت رأسها بإيجاب وهي تنظر لجانب وجهه وهو يتابع النظر للطريق..وتحادث نفسها بتساؤل حائر

متى ستنسى ماحدث ويصفى قلبها له وتعاود النظر له على أنه زوجها حبيبها حسن !

أيطول زهدها فيه أم سيأتي اليوم الذي يعود نبضها مره أخرى لقلبها بعودة الحبيب فيه !


أما سلطان فوصل لشقة خال غزال في الدور العلوي

واستخدم المفتاح الموضوع في الباب كي يدخل

واتجه نحو الغرفة التي وصفها له سليمان وهو يحاول تهدئه شعور الغضب في عقله وشعور القلق في قلبه

ناجحة هي دائما في جعله مشتت متقلب بين تضاد شعوره النابع من أفعالها الغير عاقلة !


فتح باب الغرفة ليقابله الضوء الخفيض المنبعث من ضوء وقت المغرب على ذاك الفراش التي تشغله غزال المتدثرة من رأسها لأخمص قدمها

غزال متدثرة...انهل المعجزة !


اقترب من الفراش وجلس عليه ليقابله صلابته النابعة من القطن وهو ينظر لظهرها ويتنهد مطولاً يحاول الهدوء والتراجع عن فكرة سحب الغطاء من فوق رأسها وايقاظها ليسألها عن تلك الرسالة اللعينة التي أرسلتها له

يسألها !!!!

لا والله كان سيوبخها إلى أن يتخلص من تلك الطاقة السلبية التي ملئت رأسه منها..تلك المتهورة الغير مسؤولة صاحبة الرأس الصلد الغير متعقلة ذات اللسان السليط والأفق الضيق و..القريبة لقلبه !


رفع كفه لجبينه يمسحه بقوة وهو يتنهد بقوة

قبل أن يعاود النظر لجسدها المتخفي أسفل الغطاء وهو يعاود تذكر كلمات رغدة عن مرضها !

جذب الغطاء برفق من فوق رأسها ليظهر له وجهها الصبوح النائم بسكون !

حدق في وجهها يتأمل عيناها المطبقتان قي نومٍ هادئ

وشعرهه الأسود المموج منثور حولها بغير نظام في دلالة على حركة رأسها المستمرة اثناء نومها..كانت كعادتها جميلة بسكونٍ خادع يخالف فوضاويتها وجنونها الذي يُذكره بنساء الغجر الذي قد قرأ عنهم في بداية شبابه


ولكن سكونها الخادع لم يدُم طويلاً وهو يرى تلك العلامات التي تدل على بطولتها في تلك المسرحية الهزلية المسماه بالنوم !

فليست اول مره له يتأملها اثناء نومها

فـ في العادة ينفرج ثغرها نصف انفراجه اثناء نومها وتتنفس منه في بعض الأحيان..بخلاف ذاك الثغر المزموم

وكذالك رموشها السوداء الطويلة التي كانت ترف خفية 

وتصنم جسدها تحت كفه..وانفاسها التي توقفت للحظات

ورغم أنه يعلم انها تمثل النوم إلا انه لم يشاء تدمير تمثيلها الذي تحاول فيه بكل قوتها


فانعقاد جبينها وشحوبها يخبره انها صدقًا متعبة

لذا سيؤجل المواجهة الان..ستؤجل لحين انغلاق باب شقتهما عليهما..حينها سيبدء في وضع الخطوط الواضحة لهما..والمُخطئ سيعاقب..حتى إن كان هو


ووسط تفكيره لم ينتبه لتلك التي انقلبت تمثيليتها لحقيقة..ونامت صدقًا رغم توترها من قربه

ولكن لا تدري من أين جاء سحر النوم الذي اختطفها من ارتباكها وتوترها وأخذها للهدوء والسكينة...قُربه


وحينما انتبه لانفراجه ثغرها..خلع حذائه واندس جوارها 

يريح جسده على ذاك الفراش القاسي..وراسه يعلو رأسها

وكفه يعلو رأسها يعبث في خصلاتها ويربت عليها تارة

ويمسح على وجنتها بظهر انامله تارة أخرى

وشيءٍ ما داخله يخبره..أن ما مر ليس كما هو آتٍ أبدًا !

                                  ***

الاسمبريد إلكترونيرسالة