JavaScript is not enabled!...Please enable javascript in your browser

جافا سكريبت غير ممكن! ... الرجاء تفعيل الجافا سكريبت في متصفحك.

-->
Startseite

رواية رد قلبي الجزء الثاني الفصل الثامن والستون "الجزء الثالث"


 معذرة يابنات تم تأجيل أحداث زفاف "ليلة وصالح" للفصل القادم بسبب نقصان الأحداث رغم ان جزئهم طويل جدا

وتم استبداله مؤقتًا بأحداث  "سلطان وغزال"

أحداث الزفاف الفصل القادم


قرائة ممتعة🌿❤️


رواية رد قلبي الجزء الثاني

الفصل الثامن والستون "الجزء الثالث"

.................................

كانت عائلة الزيني متجمعة على مائدة الفطور قبل ذهابهم لأعمالهم  يتحدثون في تفاصيل زفاف ليلة والذي سيكون مقام الليلة بعد ساعات معدودة..ولذالك جميعهم أخذوا اليوم إجازة كي يستطيعوا حضور تلك المناسبة الهامة للعائلة بغض النظر عن توتر العلاقات


ووسط حديثهم كان وائل شارد يتناول طعامه بصمت وكأنه في عالم أخر أو أن مايتحدثوا فيه لا يعنيه

فكان لصمته أكثر من معنى لكل من والدته وشقيقاته اللاتي تطلعن لوجهه ببعض الشفقة قبل أن تقول شقيقته ورد...

-انت زعلان انها هتتجوز يا وائل !


سؤالها البسيط جعل وجه والدها ينكمش ببعض الحدة وبوادر الغضب وكذالك والدتها التي تحدث بإباء..

-ماتتجوز وهو هيزعل ليه دا نصيب..أنا هجوزه بنت ممتازة تنسيه الي فات خالص

وبعدين ميصحش تسألي السؤال دا البنت بقت في عصمة راجل تاني


رفع وائل وجهه لوالدته متمتما بغير فهم وقد استوقفته جملة "أنا هجوزه بنت ممتازة "..كيف يتزوج تلك الفتاة الممتازة وهو بالفعل يملك زوجة..هل غياب زوجته زينة جعل عائلته ينسونها !

-تجوزيني مين ياماما ما أنا متجوز !


كشرت وجهها بغير رضا وتركت كوب الشاي جانبا وهي تقول بلا مبالاة..

-وهو مش انت هتطلقها ياوائل..يبقا مش محتاجين نستنى

انا عندي ليك بنت ممتازة جميلة ومتعلمة وكانت الدفعة الي بعد دفعتك على طول

شوفتها صدفة في النادي وطلعت بنت صاحبتي اتكلمت معاهم وعرفتهم بإننا عايزين نتعرف عليهم و..


ارتفع حاجباه بإندهاش في بادئ الامر وبدء الغضب يزحف لقلبه حينما اتمت كلماتها برغبتها في تزويجه بأخرى بل وسعت لذالك فقاطعها فورا بنبرة مذهولة حانقة وقد خرج عن صمته

-انتي مين قالك اني هطلق زينة !

على أي أساس بنيتي كل الأحداث دي وقررتي انك تجوزيني بنت صاحبتك على مراتي


انقشعت الا مبالاه من وجه والدته الرافضة لزيجته ولزينة ولكل ما مضى من حياته التي أفسدها بتهوره فتحدثت بحدة ساخرة وهي تكتف يداها لصدرها ..

-مراتك !

مراتك مين البنت القروية الجاهلة دي

جايبلي بنت أهلها فضايحهم مالية الدنيا..بنت امها قتلت أبوها ورد سجون

عيلة لسه مكملتش عشرين سنة متعرفش اي حاجه عن الحياة الا التنضيف والطبخ

بنت متليقش بيك ولو بعد ألف سنة وتقولي مراتك !

ياسيدي احنا متشكرين لأاهلها انهم وقفوا جنبك وساعدوك بس مش هنرد الامتنان دا بإن بنتهم تكون أم أحفادي

لا أنا مش هسمحلك تضيع حياتك تاني..هتطلق البنت دي وتتجوز واحدة تليق بيك


تدخل والده يؤنبها بنبرة مذهولة ...

-ايه الي بتقوليه دا يازهرة..ميصحش كلامك دا

البنت كويسة ومشوفناش منها حاجه وحش ..والي حصل من والدتها كان دفاع عن بنتها..لو انتي اتحطيتي في الموقف دا هتعملي زيها بردو


-البنت كويسة أو لا فا دا لنفسها مش لابني

أنا مش حابة انه يبني مستقبلة بطريقة غلط

الحمدلله إن ربنا هداه وبقا عاقل وراسي وألف بنت تتمناه

وهي ربنا يوفقها وتتجوز واحد شبهها وزيها ويكونوا سعداء..انما ابني ياخد واحدة زيه


كان متصنم الوجه عابس الملامح رغم بلادته الظاهرة هو يستمع لكلماتها المهينة لزوجته وعائلتها الذين لم يرى منهم إلا كل خير..كانوا خير سند له حينما استفاق من غواية الشيطان

ساعدوه على فهم الحياة والتأكد أن مصابه مهما بلغ عظُمه

لن يكون أكبر من مصاب غيره..خاصة مصاب تلك العائلة الذينٰ شبعوا من طعنات الحياة وألمها

ورغم ذالك ساندوه بكل عطفٍ وبسالة إلى أن عادت له شجاعته واستطاع مواجهة الجميع والاعتراف بأخطائه

فكيف لوالدته أن تتحدث عنهم بكل هذا التقليل والتحقير غافلة عن كونهم كانوا السبب الأكبر في بناء "شخصيته الجديدة العاقلة " !


وضع شوكته جانبًا ونظر لوالدته قائلا بنبرة حادة واضحة..

-لو سمحتِ ياماما لو مش قادرة تحبيها وتتقبليها متقلليش منها ولا من عيلتها..وبعدين ايه التقليل الي بتتكلمي عليها بيه دا، مش حضرتك بردو الي بتحضري ندوات وجمعيات لحقوق الانسان وبتناشدي بالمساواة وإزالة الفوارق الطبقية واحترام الغير

ولا كل دي مجرد شعارات مش أكتر !


أنا مش هطلق زينة إلا لو كانت هي عايزة تنفصل

مش هطلقها لأسبابك الي مش مقنعه دي ابدا

أنا راضي بيها وبعيلتها إلي أفضالهم مغرقاني ولولا والدتها رد السجون دي مكنتش رجعتلكم أصلا

مراتي وأهلها خط أحمر ياأمي..مش طالب منك تحبيها بس واجب عليكي تحترميها..ومراتي لما ترجع أنا هاخدها ونعيش لوحدنا طالما انتي نظرتك ليها كدا


أنهى كلماته بوضوح وقوة كي يمحي أي توهم قد يسيطر عليها من جديد

فوقف مبتعدا عن طاولة الطعام يغادر لغرفته وهو يتنفس بحدة وكأن النيران ستندفع من من أذناه كالرسوم المتحركة التي كان يشاهدها في طفولته

والدته لا تساعده أبدا في الاستقرار وتنظر بدونية مروعة لزينة..وشقيقتاه تابعتان لوالدته بالطبع

فلو أنها أحبت زينة سيحبونها بالتأكيد..أما لا فلا

ووالده يتعامل بطبيعته دون وضع فوارق طبقية تافهة بخلاف لبقية الاتي يستحقرن كل ماهو أقل منهن في المكانة والمجتمع !


وماالذي افاده المجتمع والمكانه حينما دعس في الوحل حتى غرقت قدماه..لا لم يفيده بأي شيء

مالذي فعله له العلم الذي تعلمه في المدارس الخاصة والجامعات المرموقة إن كان قلبه فاسدا 

ركض خلف عقله العابث وغضبه الاهوج الذي لم يهذبه شيء..ما الفائدة التي تُرجى من مال سيهدر في تافهات ومافائدة العلم في عقلٍ صلد..كمثل الحمار يحمل أثقاله !

هكذا كان قبل عام وبضعة أشهر..


 بغض النظر عن حديث والدته الذي عكر صفوه وشتته أكثر إلا أن شيء ما داخله جعله ضائق النفس متكدر المزاج

ورغم أنه عاد لحياته الطبيعية قبل ما يقع في شرك الشيطان..وقبل أن يحاول تلويث جسد ابنة عمه واقحامها في خطيئة غضبه وأضحى ذئب غير بريئ من دمها الذي كاد يسفكه وشرفها الذي كاد يمزقه

 ها قد مرت الأيام ثقيلة مُحملة بأحداث غريبة لو كان أحدهم أخبره بها قبل عامان لنعته بالمجنون وسخر منه

 فمرت الأيام وسخرت الحياة منه

 سخرت من عنجاهيته وغروره الذي كان كقشرة بيض فاسدة تحطمت في أولى هزائمة

 سخرت روتين يومه الذي كان يبغضه وحولت حياته جحيمًا على الارض فعاد يتمنى عودة أيامه الرتيبة

 سخرت وسخرت وما أدراك من سخرية الحياة والقدر

 

 وحينما استقرت أيامه ظن أنه عاد ماكان عليه في الماضي..شاب أعزب يعيش مع عائلته ميسورة الحال ومافوق، يشغل عمله المريح والمرموق الذي يدر عليه بالربح الوفير بمجرد جلوسه أمام مكتبه تحت مكيف الهواء وأصابعه تعبث في حاسوبه وبعد ساعاتٍ قليلة يعود بيته، ثم ينطلق إلى اصدقائه وواحدة من نسائه وهو مرتاح البال باسم الوجه عابث السريرة..يسعى لخطف انظار كل من حوله كضوءٍ ساطع في نفقٍ مُظلم !


ولكنه الان ماعاد ذاك الشاب ضيق الأُفق

ماعاد ذاك الذي قضي أوقاته بطولها وعرضها دون التفكير

بل أن تلك الأشهر الطويلة التي تجاوزت عام ونصف مما عاشه كانت نقطة فاصلة في حياته..نقطة تحول غريبة كانت نتيجتها شاب شارد الذهن هادئ الطباع يبتعد عن أي شيء قد يثير الانتباه أو الريبة

فذاك النفق المظلم كان حياته..والضوء الساطع كان ضوئًا كاذبًا لا يسمن ولا يغني

فظل معلقًا في سماء نفسه

مابين حياته المستقرة الرتيبة وشخصيته القديمة التي ألقته في ظلمات المهالك وضلال الشيطان ونفسه الأمارة بالسوء.

ومابين العالم الأخر الذي زُج به كم رُكل إلى حفرة عميقة فابتلعته ابتلاعًا رافضة أن تلفظه وتعيده إلى ما كان

فما كان منه إلا أن يردد دعاء النبي يونس بنفسٍ تائهة شاردة !!


قطع شروده دخول والده لغرفته وهو يتحرك لأقرب مقعد ويجلس عليه براحة وهو ينظر له نظرات هادئة تخالف الحدة التي تسكن في عيناي ولده فقال...

-امك مغلطتش في حاجه ياوائل..الي عملته هي دا بسببك

وبناءا عليه قررت تجوزك


عاد له ضيقه مره أخرى وجعد جبينه ورفع عيناه لوالده يسأله مستنكرا...

-بسببي..هو أنا الي قولتلها تروح تخطبلي واحدة يابابا !


-احيانا الكلام مبيبقاش مهم على قد ما الافعال واضحة

تقدر تقولي ليه مراتك لحد دلوقتي مرجعتش

ليه مروحتش زورتها وجبتها للحظة دي

ليه سيرتها مبقتش تيجي ولا حتى بنشوفك بتكلمها

مراتك بقالها شهرين ولا أكتر كمان لسه في بيت اهلها

وأكيد دا الي فهم مامتك انك نويت تطلق مراتك فا قررت 

انها تشوفلك واحدة وتفرح بيك


للحظات بسيطة في التفكير فوالده محقًا في كل كلمة قالها..كل الاشارات حول علاقته بزينة تؤشر لمن حولهم أنهما سينفصلان..ولكن رغم ذالك تحدثت بضيق مبرر غيابها ورافضًا لفعل والدته الذي ينتهك خصوصيته...

-دا مش مبرر يابابا الي ماما عملته دا تعدي على خصوصيتي..مراتي لسه عند اهلها لأن اختها هتتجوز بعد اسبوعين ولازم تكون جنبها..وإن سيرتها مبتجيش في البيت فا دا عشان زينة متهمش لا ماما ولا اخواتي

وحضرتك شوفت بنفسك بيعاملوها ازاي


كان يتحدث منفعلا غافلا عن نظرات والده الذي يتمحصه بعينان ثاقبتان عارفتان بما يجول في خاطر ولده

فتنهد وهو يغمغم بهدوء ...

-انت الي بإيدك تخليهم يتقبلوها أو لأ

مراتك بنت حلال وكويسة، مش ذنبها انها اتولدت في بيئة مختلفة عننا ولا اختارت ابوها ولا ظروفها

شوف انت عايزها ولا لأ ياوائل..اقعد مع نفسك وفكر كويس..رغم ان مامتك قالت كلام كتير غلط إلا إن قالت جملة صح جدا " مش هتعبر عن امتنانك ليهم انك تتجوز بنتهم ويكونلك أطفال منها "

لو جوازك منها امتنان سيبها لحد يتجوزها ويعيشها حياة طبيعية..فكر كويس وبلغني بقرارك


أنهى كلماته وهو يقف ويستعد للمغادرة ووائل لازال واقفًا في محله يحدق في أثر والده بعينان شاردتان

وقبل أن يغادر التفت له ينظر له بهدوء...

-يستحسن متروحش الشغل انهاردا..روح هات مراتك من عند أهلها تحضر معاك فرح بنت عمك

اظن انك لسه فاكر ان في رقبتك اعتذار لعمك ولـ ليلة


ثم غادر..!

ولازال وائل ضائعًا في كلماته يفكر مليًا في خطوته القادمة..ولأول مره يشعر أنه بحاجه لتنفيذ نصيحة والده

الذي لو كان مثله لكان كل شيء في حياته على مايرام

لذا أخرج هاتفه وحادث زميله في العمل يأخذ لها إجازة

وتحرك مستعدا للسفر كي يأتي بـ زينة !


                                    ***

أغلقت هاتفها بعدما أنهت مكالمتها المرئية "الڤيديو كول" مع شقيقتها سيدرا التي نجحت في ترك أثر ابتسامة على ثغرها

لقد اشتاقت لها لدرجة أنها فشلت في كبت دموعها حينما فتحت الكاميرا ورأتها أمامها

وهي التي لم تغيب عنهم كل هذه المدة الطويلة..لم تفارقهم لأشهر طويلة ولم تتحاشى الحديث معهم إلا بعدما حدث ما حدث

ورغم محاولاتهم المستميتة المتوارية خلف قناع التفهم وهم يحاولوا اقناعها بالعودة للديار

ولكنها عاجزة أن تعود من جديد

كيف تعود لهم بقلبها المعطوب كناي مكسور عاجز عن اداء لحنة الناعم المعتاد

إن عادت لهم وهي بهذه الحالة لن تكون جودي التي يعرفونها..بل ستكون أخرى حزينة مجروحة على حب لم يكتمل


سيستنكرون حزنها على ماحدث

سيخبرونها أنه مجرد وغد لا يليق بقلبها ورقتها

سيلمونها أنها تكن مشاعر لشاب مثله عنيف الشعور والحركة

سيبدأون بالتخفيف عنها بقولهم أنها تستحق الأفضل و و و و

هي لا تود سماع هذا الان

لا تود سماع كم هو وغد أناني حقير متلاعب..هي تعلم كل هذا

ولكن لا تستطيع ابعاد الالم عن قلبها..لا تستطيع اقناع شعورها أن قلبها أسمى من أن تهديه لذاك الوغد التي أحبته

لا تريد نظرات شفقتهم ولا نظراتهم الغاضبة على حالها ولا تلك الذكريات التي تلاحقها في كل مكان في ديارها


دمعة حارقة غزت عيناها وهي تتذكر ذاك اليوم الذي أتى فيه وواجه أباها أمامها

ذاك اليوم الذي أعطى والدها ورقة طلاقهما ورمى يمين الطلاق عليها ثم ضمها الضمة الأخيرة

كيف له أن يكون كاذب لعين هكذا

كيف ليداه اللتان شدتان على جسدها بضمة دافئة رغم قوتها أن تكون كاذبة مخادعة

كيف لعيناه الباردتان الحادتان اللتان حدقتا فيها بمحبة لم تخطأها..كيف جعل نظراته كاذبة مثله

وكلماته لها..كلماته وهو يقطع وعدا بالعودة لها وطلب منها الانتظار

كيف يكون كل هذا كذب


شردت تسترجع تلك الذكرى التي جمعتهم في المشفى

ذاك اليوم الذي ذهبت له فيه بعد عملها ورأته شاخص البصر أمامه وجواره عاملة تلملم شظايا زجاج مكسور

حينها اقتربت منه قلقه قائلة...

-انت كويس


حينها رفع نظره لها ونظر لها مليًا

نظرة لا تدري معناها سوى أنها حوت إدراك غير مفهوم

فقط يحدق بها مليًا قبل أن يسألها بنبرة ثقيلة...

-صرختي جامد اليوم دا 


لم تفهم أهذه نبرة متسائله حقيقة أم سؤال تقريري فجعدت جبينها بغير فهم وهي تحرك رأسها قائلة...

-صرخت !

يوم ايه أنا مش فاهمة 


-يوم الحادثة 


تلون وجهها بأكثر من لون دلالة على ارتباكها وتوترها من ذِكر هذا اليوم الغير سعيد والأكثر رعبًا في حياتها على الاطلاق..وذكرى ارتمائه أرضًا ورجال والدها يضربوه بكل قوتهم والدماء تسيل منه جعل القشعريرة تضرب جسدها بعنف وهي تمتم بخفوت متوجسة...

-انت افتكرت الي حصل !


حدق في وجهها القلق وذاك التوجس الذي يقطن في جواني عيناها..حتى شحوب وجهها الذي يونبأه عن مدى خوفها في ذاك اليوم..أشفق على توترها فتحدث بنبره هادئة تناقض نظراته الغريبة...

-لا كنت بحاول افتكر..مجاش في دماغي إلا صريخ

فـا سألتك لو كنتِ انتي بتصرخي كدا


فتحت فمها بغير قدره على الحديث ورعبها يزداد أكثر فأكثر أن يتذكر وتنتكس حالته كما أخبرها الطبيب

فكثرة محاولاته للتذكر لن تكون حميدة العواقب

جلست على طرف فراشه وحاولت تنظيم كلماتها قبل أن تتنهد قائلة بهدوء لم تُجد افتعاله...

-بص ياهشام متضغطش على نفسك انك تفتكر..هيجي يوم وتفتكر كل دا..أهم حاجه تدي فرصة لعقلك يرتاح وجسمك يخف..وقتها أكيد هتفتكر كل حاجه


 حدق بها وبوجهها الساكن الوديع يتأملها مليًا وكأنه أول مره يراها 

 كانت تحادثه وكأنه طفل صغير تملي عليه خطط يومه

او معلمة لطيفة تهادن طالبها الشقي كي يجلس ويكف عن شقاوته خشية أن يؤذي نفسه

مد كفه يمسك كفها المرتاحة على الفراش متغاضيًا عن ارتعاشة كفها وبدء ويتحسس ذاك الخاتم الذهبي الذي يزين اصبعها مطولاً ثم رفع عيناه لوجهها المرتبك يسألها بنبرة عجزت عن تفسيرها

-هتكوني موجودة وقتها !


نظرت لكفه الكبيرة السمراء الموضوعة على كفها

يدٍ رجولية نافرة بالعروق والقوة تناقض نعومة كفها ورقته

يدٍ بدائية غريبة تبعث في نفسها شعور بالوهن لا تدري سببه


يحاوطها بشعورٍ مربك وكأنه يمارس سحر ثقيل يكتفها به

نظراته لها تقيدها وكفه الذي يمسك بكفها يزيد ربكتها

والضوء الشمس الذي بدء ينسحب من الغرفة مخلفًا الضوء الخافت للغروب يوترها

أتخبره أن عيناه الذهبية تربكها ايضًا كحال كفه التي تمسك بكفها !

تداركت نفسها وكبحت توترها وهي تسحب كفها منه

وتنافض مبتعدة عن الفراش هامسة بتوتر...

-أنا..أنا هروح اجيب حاجه اشربها..عايز حاجه


لم تجد منه سوى المزيد من نظراته المتأملة

نظرات جعلتها تفر من الغرفة هاربة وقلبها يقرع بعنف

كطفل يضع كفه على زر جرس الباب دون أن ينزع اصبعه مخلفًا حوله ضجة عالية

وهو مايفعله قلبها الان..تكاد تقسم في نفسها أن كل من حولها يسمعون دقات قلبها الغير منتظمة..حتى أن احمرار وجهها دلالة على تشتتها في هذه اللحظة

ومن نفسها هي مذهولة..مذهولة من رجُلٍ يشتتها فقط بنظراته !


اكان كاذبًا أيضًا في نظراته وأفعاله تلك

أكان يفعل كل هذا لأجل اثبات أنه قادر على التأثير في أي امرأة كما أخبرها في أخر لقاء لهما !!


استفاقت من شرودها على خروج مراد من المنزل وتوجهه نحوها وهو يغلق سحاب مرفقاه في ذاك الجاكيت الجلدي الرجولي ويحمل بين يداه خوذة تخص دراجته النارية التي أكملت مظهر " Bad boy" الذي يليق به

اقترب منها وتحدث باسمًا وهو يبعد غرته الناعمة عن جبينه....

-چيچي قومي غيري هدومك وتعالي معايا احضري الفوتو شوت بدل ما انتي قاعدة لوحدك


-انت عارف اني مليش في الجو دا

وأظن انت فاكر أخر مره من كام سنة جيت معاك عرض الازياء حصلي ايه


ضحك وهو يلتقط اشارتها لذاك اليوم من أربع او خمس سنوات حينما اسطحبها معه لأحد عروض الازياء المحلية وبدأت المعجبات بحدقن فيها بنظرات حاسدة حقودة

حتى أن إحداهن القت عليها زجاجة مياة على أثرها تضخم جبين جودي وظلت تبكي طول اليوم ومراد يهدهدها ويواسيها معتذرًا عن سوء أخلاق فتياته

فتحدث ضاحكًا...

-قلبك اسود..تعالي متخافيش أنا مش هعرف أحميكي منهم


حركت رأسها رافضة وهي تتحسس ذاك الأثر القديم في جبينها متمتمة...

-ابدااا..وبعدين انت مش هتتعشى معانا زي كل مره

دي مريانا هتعملنا أكل ايطالي يجنن


 حرك رأسه نافيًا وتنفس مراد الصعداء وهو يرفع احد حاجبيه بطريقة شيطانية عابثة تليق بهيئته التي تشبه رجال عصابات الدراجات فغمغم بنبرتة الثقيلة بعربيته الغير متقنة تماما...

-عارض الازياء الناجح ميضعفش قدام أفخم وأشهى المؤكلات..لكن عشان خاطرك ممكن أتنازل واتعشى معاكم..يمكن كوين روما ترضى عني


ضحكت جودي وهي تحرك رأسها بلا فائدة من ابن عمها الوسيم الشيطاني الذي لا يأبه إلا لنظام غذائه الصارم وعمله الذي لا ينتهي..يقال أن الرجل إذا رزق الجمال فسيكون عقله غبيا..وإن رزق الوسامة والذكاء فطباعه ستكون مخيبة للأمال..وإذا رزق وسامة وذكاء طباع جيدة فهو سيكون شيطانا متكبرا 

وهذا ما ينطبق على مراد جواد ابن عمها

الذي ورث جمال والداه معا وأخذ جنون طباع والدته مريم..ولم يأخذ من والده إلا ذكائه فقط لا غير

لذا كانت له طريقة خاصة في ادارة حياته وكانت اولى قراراته الكارثية كونه عارض ازياء يسعى أن يكون وجها سينمائيا لامعا في سماء الشهرة

ولم يكن صعبًا عليه أن يدخل هذا المجال من أوسع أبوابه فهو يمتلك كل المقومات التي تجعله عارضا ناجحا

ابتداء من وسامته المبهرة مرورا بجنونه وعبثه الذي يعد البهار الأساسي لشخصيته..انتهاءا بكونه يندرج من عائلة ثرية لها علاقاتها الكثيرة


ورغم اعتراض جواد على حياة ولده غريب الأطوار إلاأنه استسلم تاركا اياه يفعل مايريد

أما مريم هي من تفتعل شجارات كثيرة معه خاصة حينما تمسك مجلة أزياء او مجلة عن الفن

فترى تلك الشائعات التي تلاحق ابنها لاقتران اسمه بعلاقات غرامية مع سليلات العوائل الثرية من المشاعهير سواء ممثلات أو عارضات أزياء أو وكلاء لشركات عالمية للأزياء

لا يمر شهر واحد إلا وتندلع المشاجرات بينها وبينه معلنة عن رفضها لعلاقاته تلك

فهي توده أن يرتبط  بأحد الفتيات اللواتي استحقت نيل رضا مريم صعبة الارضاء

ولكنه ما إن يسمع اسم الفتاة ينتابه الجون والعصبية ويقسمة أغلظ الأيمان أنه لن يقترن بها ابدا


استفاقت جودي من شرودها وهي تسمع طرقعات اصبعه أمام وجهه وهو يقول كلماته الضاحكة الممتزجة بالغرور والعبث...

-متبصليش كتير ياچيچي


عقدت جودي حاجباها بانتباه متمتمة وهي ترى ذاك التعبير الماكر على وجهه..

-ايه


 تحدث بعبثٍ وزهوٍ ليس بغريب على طبيعته الواثقة التي تكاد تصل للغرور

-متبصليش كتير عشان متقعيش في حبي..أنا بحب الشقراوات وهيبقا صعب عليا أكسر قلبك برفضي


ضحكت بخفوت وهي تحرك رأسها سلبًا وتضرب كفًا بكف وهي تمتم بسخرية تماثل سخرية سيدرا شقيقتها...

-كتر المعجبات حواليك جننوك يامراد..الغرور مقبرة الفنان متنساش


عبس وجهه وعقد حاجباه مستنكرًا وساخرًا طوى في جوانبه المزاح وهو يقف ويستعد للمغادرة...

-تقعدي شهرين مع روما تبقي ردودك زيها

لأ كدا انا هضطر أروح الفوتو شوت واسيبك هنا تغني وهي تغني معاكي..باي باي My pretty


أرسل لها قُبلاته في الهواء ورحل فورًا كي يصل في الميعاد المحدد لجلسة التصوير

أما هي فنظرت في أثره باسمة وهي تحرك رأسها تباعًا وتتنهد قبل أن ترفع هاتفها تتصل بأكثر شخص اشتاقته

وأكثر من نأت عنه مؤخرًا دون أي سبب واضح

ورغم أنها تتواصل مع والدتها وسيدرا وشريف على أوقات متباعدة..إلا أنها لا تتواصل معه مطلقًا

لا تدري لما تشعر بأن جزء داخلها يحمله ذنبًا لا تعلمه

رغم أنه لم يفعل أي شيء يؤذيها..بل حاول حمايتها بكل مافيه من قوة..إلا أن جزء من قلبها يرفض أن تهاتفه

ولأول مره في حياتها تشعر بذاك الضيق الغير مبرر من والدها..


تنفست بقوة وهي تضع الهاتف جانبًا وتحدق في السماء المليئة بالغيوم دون أن تفض حصيلتها من الأمطار

فقط تبعث بضوئها الرمادي وتحجب لون السماء الغير صافية..مثل قلبها..ثم ابتلعها الشرود من جديد

سمعت صوت مريم جوارها تجذب المقعد المجاور لها وهي تتحدث باسمة...

-اظن انك قضيتي نص أجازتك هنا في الجنينة


انتبهت لها جودي ونظرت لها بتشتت هامسة..

-اه..أنا بحب الجنينة اوي..عمو جواد مخليها رقيقة بالورود الي بيزرعها دي


نظرت مريم للورود التي تحاوطهم وهي تغمغم بهدوء جاد..

-اه جواد مهووس بالزراعة والورد والعناية بالنباتات

رغم اني مش كدا خالص ومليش طولة بال زيه

لكن اعترف انه مخلي الجنينة شيك ولطيفة


ثم صمتت للحظات وهي تنظر لجودي نظرة ذات مغزى..

-لو فكرت شويه هلاقي ان أنا وجواد مش زي بعض خالص..هو الطرف العاقل الهادي الرقيق..من الناس الي تلاقيهم بيحبوا يقعدوا في هدوء يقرأوا كتاب

انا مش زيه خالص..أنا على رأي والدي الله يرحمه معجونة بمية عفاريت..ورغم كدا قادرين نكون متفهمين وعايشين في راحة نوعا ما


كلماتها الصريحة الواضحة لم تكن مألوفة من شخصية كمريم زوجة عمها..طول عمرها امرأة واثقة نارية الطباع غامضة الخوالج والمشاعر..صراحتها الان جعلت جودي تنظر لها بلا فهم وهي تغمغم...

-عايزة توصليلي ايه ياطنط


-عايزة أوصلك إن مش شرط يكون الطرف التاني زيك

عادي تكونوا مختلفين، عادي تكونوا النقيض من بعض

أقرب مثال ابوكي وتقى..سبحان الله هي حاجه وهو حاجه تانية خالص..تقى عصبية ومزاجية والروايات الي بتكتبها خلتها شخصية متقلبة المزاج دايمًا..عكس ابوكي الي دايما هادي وعاقل زي جواد ورغم انه مش مُسالم زي جواد إلا أن على كلام تقى وكلام جواد هو أحسن من زمان بكتير

بيقولوا انه كان مجنون زمان ومحدش قادر يقرب منه

ورغم ان ابوكي وامك اتغيروا إلا انهم بردو عكس بعض


مش شرط من فيهم أحسن

مش شرط مين الأهدى أو الأعقل 

المهم إن التفاهم موجود..المهم انهم قادرين يبصوا في وش بعض وقادرين يصحوا ويناموا على وشوش بعض


-قصدك ان المهم الحب موجود !


جعدت مريم وجهها برفض وحركت رأسها نافية...

-لأ طبعا المهم التفاهم والتكافؤ موجود..اه لازم الحب..بس بردو من غير تفاهم وتكافؤ الحب مينفعش..هي معادلة لو طرف مش موجود باظت المعدلة

اصل ايه هيفيد لو أنا بحب جواد وبموت فيه بس مش متفاهمين ولا قادرين نتفق..وبردو ايه الفايدة لو احنا متفاهمين بس مش حابين بعض ولا بينا مشاعر

وحطي عليهم بقا شويه حجات مهمة

زي المستوى المادي

المستوى التعليمي

المكانة المجتمعية

الشكل الجميل

الأخلاق 


اكتبي الحجات دي في ورقة وبصي فيها كل ماتلاقي حد بيحاول يقرب منك

 زي كفتين الميزان كدا لو حاجه من دون مش موجودة في الطرف التانية الكفة هيختل توازنها، خلي الحجات دي قدام عينك قبل ماتيجي تختاري شريكك في الحياة

متمشيش بقلبك بس ولا بعقلك بس..وافتكري دايمًا انك دايمًا تستاهلي الأحسن


ثم مالت على اذنها هامسة بنبرة خفيفة سريعة..

-ودا ميمنعش انك ممكن تقطعي الورقة دي وتغامري

لو الي قدامك يستاهل تغامري عشانه وتغيري معاييرك


أنهت مريم كلماتها بهدوء وتعقل غريبان على طباعها

اما جودي فكانت تستمع لها بعقل مشتت 

لا تدري مالذي تحاول مريم إيصاله بالضبط

أتنصحها بأن تختار شريكها بإتقان وأن تستخدم عقلها في اختيارها..أم تنصحها بالغامرة وضرب قوانين التعقل بعرض الحائط !


نظرت لمريم نظرة العاجز عن الفهم

أو نظرتها لها وكأنها تنظر لكائن فضائي يتحدث بلغة غير مفهومة فتحدثت بخفوت حائرة..

-قصدك ايه ياطنط..مش فاهمة بردو مفروض أعمل ايه !


قلبت مريم عيناها مستسلمة وهي تمتم بوضوح وقد ضاقت ذراعًا من الألغاز والتلميحات ...

-اااه نفس عقل تقى في بطئ الاستيعاب

من الأخر ياجودي لو هشام دا يستاهل انك تتغاضي عن كل الي عمله وكل الي حصل ورجع تاني يحاول يرجعلك ارجعيله..انما لو ميستاهلش وهيكون مضيعة للوقت يبقا سيبك منه وارجعي لحياتك وشغلك وجمدي نفسك

ومشيها ورقة وقلم زي ماقولتلك

وجودك هنا تجاوز مرحلة الاجازة وبقا هروب ياجودي

انتِ عارفة معزتك في قلبي وعارفة اني عايزة وجودك معانا هنا دايمًا

بس أكيد مش هحب انك تكوني هنا هربانة من مواجهة مشاكلك وسايبة شغلك يضيع منك ومجهود السنين

 لما تحسي انك مستعدة انزلي مصر وأسسي شغل خاص بيكي..خليكي قوية مش أي حاجه توقعك فهمتي !


صمتت جودي لثوان ثم حركت رأسها بإيجاب

فمدت مريم يدها تربت على كفها قائلة بتحذير...

-افتكري دايمًا مش الرجاله هما الي يخلونا نهرب ونكتئب ونكون ضعيفات كدا..ياتكوني قوية بشريك حياتك

ياتكوني قوية من غير حد ولوحدك..أنا بقول الكلام دا لمريانا..وبردو بقولهولك اهو..الضعف دا بلاش


كلماتها كانت كاللطمة القوية على وجه جودي..لطمة كانت وستكون سببًا في خلق جودي جديدة !

                   ***

استيقظ صباحًا على صوت والدته وهي توقظه وتربت على كتفه مردده....

-سلطان..سلطان قوم ياحبيبي وصل مراتك لخالها

سلطـــان


فتح عيناه بصعوبة ناظرًا لوالدته من بين ناعسه هامسًا بصوت متحشرج...

-سبيني أنام ياأمي أنا منمتش الا بعد صلاة الفجر


أنهى كلماته وأغمض عيناه يُكمل نومته وصوت والدته يأتيه من بعيد وهو تقول...

-طيب كمل نومك وأنا هخلي حسن ورغدة يوصلوها في طريقهم..خالها تعبان هتقعد معاه يومين تلاته

البنت نشف دمها لما عرفت بتعبه


لم يستفق سلطان من نومته..بل ظلت كلمات والدته تدور في ذهنه بلا توقف إلى أن انتفض من فراشه ناظرًا حوله باستيعاب قائلا...

-تلات أيام..تلات أيام ايه


ولكن وجد غرفته خالية وآذان الظهر يعلو في منطقتهم يُنبه المُصليين عن موعد اداء فريضة الظهر

فنظر لساعة الحائط يتأكد من الساعة قبل أن ينتفض من فراشه ويتجه للخارج نحو والدته التي كانت تمسك بمسبحتها تُتمتم بالذكر قبل اداء فريضة الظهر فقال بصوتٍ خشن من أثر النوم وعينان ناعستان وقد استحضر كلمات والدته اثناء نومه ...

-خال غزال ماله في ايه


نظرت له والدته بغير رضا ورغم ذالك تحدثت متنهدة..

-اتصلت بيهم الصبح بدري وعرفت انه تعبان

جيت صحيتك توصلها كنت نايم نوم تقيل..حسن ورغدة وصلوها ولسه قافلة معايا انها وصلت


توسعت عيناه وتحفز جسده وهو يتمتم دون فهم...

-حسن ورغدة وصلوها فين..وبعدين انتي مش لسه كنتي بتصحيني حالا.. !


-بصحيك حالا ايه انا مصحياك بقالي أربع ساعات  من لما كنت بصحيك..حسن ورغدة وصلوها المنصورة

هتقعد عن أهلها يومين تلاتة على ماخالها يخف وتطمن عليه وتيجي


اندفعت الدماء لرأسه وانتفض غضبًا غير منتبه لنبرته العالية التي كادت تشقق الجدران...

-ازاي تسافر من غير ماتقولي..وازاي تسيبيها أصلا ياأمي

هو أنا مش راجل قدامكم ولا ايه..ازاي تسافر كل المسافة دي من غير مااعرف وأنا نايم على وداني


تماسكت والدته وحاولت ألا تتأثر أو ينتابها الذنب من غضبه فقالت بهدوء تُحسد عليه...

-لا ياحبيبي راجل ونص..انت كنت نايم على السرير مش على ودانك..وبعدين ماهي دخلت صحتك وقالتلك وانت قولتلها ماشي..وأنا نفسي دخلت صحيتك عشان توصلها وقولتلي اسيبك تنام

وايه سافرت لوحدها دي..بقولك اخوك ورغدة راحوا يوصلوها بالعربية..وبالمره يتطمنوا على خالها


أغمض عيناه بقوة يحاول التحكم في غضبه

بين ليلة وضحاها ظهر مرض خالها المزعوم لتقرر الرجيل دون أن تخبره..يكاد يقطع ذراعه أنها تركت له المنزل بسبب جدالهما ليلة أمس

تحرك للطاولة يجذب هاتفه ويتصل عليها وهو يكاد ينفجر غيظًا تحت نظرات والدته التي تحاول التظاهر بالا مبالاة

وجرس يليه جرس يليه جرس وهي لا تجيب

عاود الاتصال بها مره أخرى والنتيجة ذاتها لا تجيب على اتصالاته

قتحدثت والدته بهدوء وهي تضع مسبحتها جانبًا وتضبط حجابها تستعد للصلاة...

-زمانها سايبة موبيلها على جنب وبتغير هدومها ولا قاعدة مع أهلها..شويه كدا وابقا رن عليها تاني


نظر لها سلطان من جانب عيناه وهو يكاد يصيح غيظًا

ولكنه تحكم في غضبه واتجه خارج الشقة يصعد لشقته ولازال يمسك هاتفه ويتصل على رقمًا أخر..فأتاه صوت شقيقه حسن فسأله مباشرة...

-انت وصلت غزال لبيت خالها


-أه ياسلطان وصلتها وأنا ورغدة لسه ماشيين اهو راجعين اسكندرية..في حاجه ولا ايه !


تنهد سلطان وهو يفتح شقته ويدلفها ويغلق الباب خلفه قائلا بنبرة مشدودة...

-يعني هي هناك دلوقتي


-هي ماما مقالتلكش !

اه هناك سايبينها مع مرات خالها ووفاء وخالها تعبان شويه

ابقا روح زوره قبل ماترجع الكتيبة 


-تمام خلي بالك من طريقك

ثم اغلق الهاتف وألقاه جانبًا وهو يتجه نحو الحمام كي يتوضأ ويصلي كي يطرد عنه شياطين الجن وغضبه من أفعال غزال..وساعده الوضوء على الهدوء قليلاً وبعدها اتم صلاته واتجه لغرفته فوجد فراشه على غير العادة مُرتب

ولا يحوي ملابس غزال كما العادة !

جلس عليه ونظر للغرفة حوله مليًا يشعر أن شئً ما ينقصها..هناك تغيير واضح فيها لا يفهمه


بغض النظر عن غياب غزال فهناك شيء ما غير موجود

مشط الغرفة بعيناه إلى أن وقف واتجه نحو الرفوف الفارغة التي كانت تحوي منتجات العناية بالبشرة والشعر الخاصة بها..اما الآن فا الرفوف فارغة تماما من كل أغراضها تمامًا

وبخطوات سريعة نحو الخزانة فتحها ليجد ان ملابسها نقصت النصف..أخذت نصف ملابسها إن لم يكن أغلبها

أكل هذا لأجل ثلاث أيام فقط !


عاود له غضبه مصاحبًا لشعور سيئ أخبره أن مايحدث يفوق مسأله مرض خالها وسفرها لها..شيء واحد سيثبت له أن غزال رحلت لعائلتها مقررة المكوث معهم فترة غير قليلة 


خرج من الغرفة يبحث في انحاء الشقة عن ذاك القط الذي لا تستغني عنه زوجته

بحث في كل. ركنًا في الشقة مستعينا بذاك الصوت " البسبسة" كي يسمعه القط ويأتي له فورًا !

ولكن لا أثر له كما لا أثر لصاحبته

حينها هبط سلطان لشقة والدته التي انتهت من اداء الصلاة وكانت تتحدث في الهاتف فاقترب منها قائلا بصوتٍ حاد حاول كظمه...

-فين القط !


ابعدت والدته الهاتف عن اذنها سريعًا ووضعته جوارها قائلة بغير فهم...

-قط..قط ايه


تنفس الصعداء وهو يضع يداه في جانباه وعلى وجهه علامات الاستشاطة غيظًا فقال...

-سلطان ياأمي..القط الي غزال بتربيه


-ااااه..ماهي خدته معاها أصله ميعرفش يعيش من غيرها

وعشان أنا مش هعرف اخد بالي منه في غيابها و...


تقدم سلطان ومنها وأخذ هاتفها فجأة ورفعه ليرى اسم غزال على الشاشة فوضع الهاتف على اذنه وصاح بحدة...

-بتلوي دراعي وبتسيبيلي البيت من ورايا ياغزال عشان شدينا مع بعض..اقولك خليكي عند أهلك مش أنا الي تلوي دراعي واجي وراكي اجيبك غصب عنك


سمع شهقة عالية على الطرف الأخر تلاها اغلاق الخط فورًا..كانت شهقتها حينما تفاجئت بسماع صوته

فأغلق الهاتف وألقاه على المقعد المجاور لوالدته وتحرك غاضبًا يغادر نحو شقته تاركًا والدته تحدق في أثره بذهول وهي تحادث نفسها أن ولدها فقد عقله بكل تأكيد !


أما غزال كانت جالسة جوار وفاء تحدق بذعر للهاتف الذي ألقته على الفراش أمامها توًا وصراخ سلطان لازال يسيطر على سمعها لهذه اللحظة

فرفعت كفها لوجنتاها تحاوطها متمتمة بنبرة خافتة...

-احيه دا فقس الموضوع..يالهوي عليا اعمل ايه


تحدثت وفاء جوارها بغير رضا...

-ماهو اكيد هيفهم..دا انتي متجوزة ظابط جيش

دا لو مفهمش يبقا عيبه في حقه..أنا قولتلك بلاش الحركات دي وواجهيه انك زعلتي منه وقصري على نفسك المسافات !


لم تكن غزال تسمعها في الأساس بل كانت تستحضر كلماته لعقلها وتسترجع تلك النبرة الغاضبة المنفعلة وهي لا تدري

أتفرح انه خالف توقعاتها هي ووالدته بأنه غضب لغيابها ولم يتصرف بهدوء حينما تكرر هذا الموقف في زيجته الأولى ولم يغضب من زوجته التي ذهبت لقاء بضعة أيام مع شقيقها رحيم حينما مرضت ابنته كما اخبرتها حماتها

أم تحزن أنه اخبرها غاضبًا ان تبقى في منزل عائلتها فليس هو من يرجوها أن تعود !


تنهدت وهي ترتمي على الفراش وتسأل نفسها بنبرة خافتة ضائعة...

-واخرتها معاك ياسلطان !


                                   ***

NameE-MailNachricht