JavaScript is not enabled!...Please enable javascript in your browser

جافا سكريبت غير ممكن! ... الرجاء تفعيل الجافا سكريبت في متصفحك.

-->
Accueil

رواية قاسٍ ولكن أحبني٢(الفصل الحادي عشر)


 الفصل الحادي عشر


   

                  "قضية ميؤس منها"

                  

بعد قضاء نهارهم برفقة سالم ليقف إياد قائلاً..

-مش كفايه كدا ياسلومه احنا هنروح بقا

وهنجيلك بكره تاني


-ماشي يابني خد بالك من مراتك


ضحك ونظر للهند مغيظًا..

-دا برعي هو الي يخلي باله مني


-المفروض اضحك صح..انا مش برعي



-اذا كان انتوا قدامي كدا امال في بيتكو بتجرو ورا بعض بالشبشب


نظر اياد لهند وابتسم بخبث..

-هجري وراها انهارده بس مش بشبشب


فهمت هند مقصده لتقول بإرتباك..

-اااا عايز حاجه ياجدو


احتضنها سالم مودعًا..

-لا ياحبيبتي عايز سلامتك


امسك اياد يد هند قائلاً..

-طب سلام بقا ياسلومه


-سالم ياشقي


اياد بغمزة عابثة..

-طالعلك وحياتك


ضحك سالم بينما وجه هند مصطبغ بالحمرة من فرط الخجل..خرج اياد وهند من المنزل الذي عاش فيه طفولته وشبابه والذي اصر سالم ان يقطن فيه رغم وجود ڤيلاته 

لإسترجاع ذكرياته فيه. 


تحدثت هند بضيق..

-مش هتبطل قلة ادب


-لا مش هبطل ياحبيبتي


تمتمت هند بخفوت..

-حبك برص


-سمعتك علي فكره بس انا حبتني هند مش محتاج للبرص ياروحي


وكزته هند في صدره وهما يسيران الي السيارة ليوقفهم صوت انوثي...

-لاااااا مش معقول اياد في اسكندرية


التفت اياد وهند للصوت لترتمي الفتاة على إياد تحتضنه بقوة هاتفه..

-ياابن الايه فينك وحشتني


تحولت ملامح اياد من الإبتسام الى التوتر بينما هند مصدومة وغاضبة من فعلة تلك الفتاة


امسكت هند يدها بغضب وابعدتها لتقول..

-ايه ياما ماتحسبي كدا بتحضني جوزي ليه


اياد بإبتسامة وهو يهدئ هند..

-كارما ازيك ..هند اهدي دي كارما بنت صاحب جدي سالم ويعتبر اصحاب بقالنا 7سنين


ثم نظر الى كارما ليقول..

-ودي هند مراتي ياكارما


ضحكت كارما وهي تعبث بوجنته..

-اتجوزت يابيضة ومتعزمنيش


ثم مدت يدها لتصافح هند بود..

-ازيك ياهند


اشتعلت هند غاضبة واعتصرت قبضة كارما بين يديها قائلة بين اسنانها..

-اهلا


نظرت هند لكارما تتفحصها

كانت فتاة جميلة للغاية.. وذات طابع فكاهي

ومن الواضح أن العلاقة بين كارما وزجها متينة للغاية


اياد وهو يمسك يدها لتستفيق من شرودها..

-كارما بتقول عايزة تعزمنا بكره


تحدثت هند بغيظ..

-ازاي وانت هتروح شغلك بكره


-عادي نروح بعد الشغل ياحبيبتي


نظرت هند لكارما بغيظ ممزوج بغضب

ليلاحظ غيرتها وهي تعض شفتاها بقوة


كارما وهي تحضنه مره اخري هامسة

-مراتك غيرانة عليك مني


ثم رفعت صوتها وهي تبتعد عنهم..

- باي بقا يا اياد ابقي اتصل بيا عشان اديك العنوان


غادرت كارما قبل ان تفتك بها هند

ركبت السيارة بصمت..وكتم اياد ضحكته من غيرتها الغاضبة،ثم ركب هو الاخر..ظل اياد يدندن طوال الطريق

وهند صامتة تماماً ولكن الغضب يشتعل داخلها بل ويكاد يجعلها تقتل اياد


ليقول إياد باسمًا..

-اتبسطي انهاردة


لم ترد عليه هند مطلقاً

فأيقن انها لازالت غاضبة..امسك اياد يدها قائلاً :

-مالك ياهند


سحبت يدها بحدة..ولم تعره اهتمام


ليقول اياد بإبتسامه خبيثة..

-اوعي تكوني لسه غيرانة من كارما


تجاهلته تمامًا وهي تنظر على الطريق بصمت لتسمعه يقول..

-يعني مش هتردي عليا


تجاهلته هند مره اخرى ليقول بمكر..

-انا هخليكي تكلميني


ليسرع اياد القيادة بأقصى سرعته لتصرخ هند بفزع..

-يخربيتك بطء السرعة يااياد


لم يستمع لها وزاد في السرعة اكثر لتصرخ هند..

بطء السرعة يااياد انت عارف اني بخاف من سرعة العربيات


لم يعيرها اهتمام وظل يقود بلا اهتمام

هند بصوت حاد يغلبه البكاء..

-وقف يااياد ونزلني


ليقول بلا مبالاه..

-مش انتي مش بتردي عليا انا كمان مش هرد عليكي


اصتدمت هند الى الأمام من سرعة السيارة ولكن كانت صدمة خفيفة..لتقول برجاء..

-وقف العربيه يااياد ونبي


واخيرًا اوقف اياد السيارة لينظر لها بقلق شديد وهو يقترب منها بلهفة يتفحص تلك الكدمة التي ظهرت على جبهتها.


                               ***


مسك عمار هاتفه بضيق ليقول..

-ياشهد بقالي ساعة مستنيكي تحت

انزلي يابنتي


ظهرت شهد امامه وهي ممسكه بحقيبتها الجلدية  والهاتف بين كتفها واذنها..

-اهو انا قدامك


كانت ترتدي سلوبت جينز ازرق واسفله قميص وردي بورود صغيرة..وخصلات شعرها تغطي عنقها

مسح عمار وجهه متمتمًا..


-ياربي على تأخير الستات ألف سنة على تجهز


وصلت شهد امام سيارته قائلة بضيق..

-ساعة بترن اهو جيت


-طب كويس انك عارفة ان بقالي ساعة برن

ايه القمر دا بقا


لتقول شهد بحدة وهي تركب في الكرسي الخلفي..

-ياريت تبطل الكلام دا


نظر لها عبر المرآه بحنق..

-انزلي اركبي قدام انا مش السواق بتاعك


-لا مش هركب غير ورا لو مش عجبك

هنزل اركب تاكسي ونتقابل عند المحامي


زفر عمار بضيق من عنادها وقاد سيارته متجهًا للمحامِ


بينما شهد شاردة في مستقبلها..صوت عقلها يصرخ بها هل ستفضح نفسها !

.. وصوت روحها المغتصبة تخبرها

هل ستخضعين..ستتنازلي عن حقوقك انتي ومثلك

وتتركي الظالم ينعم في حياته..


دمعه هاربة هبطت علي وجنتها..كأن شعاع نور سقط على روح مسلوبه باردى فقدت معنى الحياة


كان يتابعها بقلب متألم..لا يتخيل انها تعرضت لكل هذا

فقدت والديها في صغرها

فقدت حنان الأم.. وأمان الأب


فقدت عذريتها اغتصابًا من اقرب اقربائها

عاشت وحيدة متألمة..

  كاقطه شرسة.. تحت قناعها الخوف


-ينفع اعزمك علي الغدا بعد المحامي


انتشلها صوته من شرودها لتقول..

-لا مش عايزه


-طب انا عايز بقا ومُصر كمان


تنهدت لتقول بإيجاب..

-ماشي


ابتسم عمار ليقول..

-هي الشمس هتطلع امتا


رفعت شهد حاجباها بتعجب وهي تنظر من نافذة السيارة

-امال دي ايه


ليقول مغازلاً..

-لا قصدي علي شمسي التانية

الي قاعدة ورايا كإني سواق عندها


ابتسمت شهد بخجل لتقول بحدو مصطنعة...

-انا قولتلك بلاش الكلام دا


-طب بذمتك حد يبقا معاه

بنت تغلب القمر بجمالها،وميقولش الكلام دا


اشاحت شهد وجهها عنه..وهي تبتسم بخجل

بينما هو عينيه مشتته بينها وبين الطريق

وهو يتنهد براحه انه ابعدها عن ذكرياتها ولو لوقت مؤقت

                    


        ***

-يابنتي اثبتي بقا  عشان اعقم الجرح

عماله تتحركي كتير


زمجرت موبخة..

-لا والله مش دا بسببك يامحترم

رايح تحضن واحده وتسوق بسرعة.وانتا عارف اني بخاف من السرعة،لحد ما اتعورت في دماغي


تأفأف اياد ليقول بحنق..

-مش قولتلك كارما دي بنوتة صغيرة عندها 19سنة بتعتبرني اخوها مش اكتر..وانا مقصدش اعورك ياحبيبتي

كنت عايزك تكلميني بس


انتفضت هند صارخة..

-كداب دي شكلها قدي مش صغيرة

انت مشفتش اد ايه هي جميلة


ابتسم اياد وهو يجلسها من جديد..

-ياحبيبتي انتي احلي منها،وبحبك انتي


-كداب هي احلي مني 

ثم تابعت بنبرة غاضبة..

-الي حصل امبارح دا مش هعديه


-يخربيتك دا انتي منكده عليا من امبارح

كفايه بقا يامفترية


لتقول بعناد وهي تتجه الى غرفتها..

-لا يااياد مش هعديهالك بسهوله كدا


-طيب تمام انا خارج دلوقتي

وانتي خليكي منكده على نفسك كدا


توقفت هند واستدارت له بتوجس..

-خارج فين يااياد


مط شفتيه بلا مبالاه ليقول..

-هروح اتغدي مع كارما..هي عزماني من امبارح


اقتربت منه بصوتٍ جهوري..

-كارما ايه وزفت ايه انت عايز تضايقني وخلاص يااياد


تجعد وجهه ليقول بهدوء..

-صوتك عالي ياهند


-صوتي عالي عشان انتا بتضايقني..قولتلك مش هنروح وانتا بردو عايز تروح عشان الزفتة دي تحضن فيك


تثير غضبه وحنقه من عنادها

وصوتها الذي ينافس صوت الرعد


ليقول بحدة..

-هند وطي صوتك قدامك راجل مش عيل عشان تعلي صوتك كدا.. واتكلمي عدل


استدار ليخرج ولكن وقفت امامه بعناد..

-وانا بقولك مش هتروح عندها يااياد


الى هنا وتبخر هدوئه ليهدر بصوتٍ اخافها..

-قسماً بالله لو صوتك علي تاني لاهوريكي يوم اسود ياهند

مش عشان بعاملك بهدوء وسايبك تدلعي عليا ،تعملي كدا


دمعت عيناها من صراخه عليها

ولكنها تمسكت بتعابيرها الغاضبة

ودلفت الي غرفتها صافعة الباب خلفها


تنهد اياد بضيق وهو يشد علي شعره بأصابعه..

-استغفر الله العظيم


ثم دلف الى الغرفة المجاورة..وجلس فيها محاولاً التحكم في غضبه..ثم اخرج هاتفه متحدثا مع كارما

-ايه يااياد انتو فين بظبظ


اردف بإعتذار لطيف..

-معلش ياكارما هند تعبانه مش هنقدر نيجي


-امممم يبقا اتخانقتو بسببي صح


-لا ياكوكي متخنقناش ولا حاجه ،هند تعبانة بج


إبتسمت لتقول..

-طب مفيش مشكله يااياد الف سلامه عليها وياريت تصالحها وتفهمها اننا اخوات


-اقفلي ياكارما هبقا اشوفك يوم تاني بطلي رغي


ضحكت لتقول بغيظ..

- ماشي يااياد..ابقا سلملي عليها


اغلق الهاتف متمتمًا بضيق..

-أعمل فيكي ايه ياهند جننتيني



                                  ***


-يعني ايه.! الكلب دا مش هيتحبس ولا ايه ياحسان

هتف عمار بغضب وهو ينظر للمحامي


-القضية صعبة جدا ياعمار..يعتبر شبه مستحيله،الحادثة حصلت من خمس سنين ودا هيصعب موقف القضية.. واقرب سؤال هتواجه شهد..هي ليه استنت كل دا


قالها المحامي صاحب الأربعون من الخبرة والعمر

تنهد عمار بغضب بينما اكلمت شهد ببطئ..

-يعني مش هعرف اجيب حقي منه


-لا طبعًا حقك هنجيبه..بس بطرق ملتوية


-أزاي ياحسان


-مش الاستاذة شهد بتقول انه بيطاردها

وحاول يتهجم عليها كذا مره


هزت رأسها بإيجاب..

-ايوه واخر مره اتهجم عليا كان من اسبوعين


ذُهل عمار وحدق بها ليقول حسان..

-يبقا نعمله فخ ونمسكه متلبس..ونقول على الحادثة

والطب الشرعي هيعرف شغله كويس


ظهر الخوف على وجه شهد لتقول..

-هكون طُعم عشان يتقبض عليه !


تنهد حسان بعملية ليقول..

-دا الحل عشان القضية تلبسه وياخد حكم


تحدث عمار بحزم..

-ابدء في إجراءات القضيه يامتر

عايزه يعفن في السجن


ثم نظر لشهد ليقول..

-متخافيش هكون معاكي

اطمني


                              ***


تدهورت حالة فريدة للأسوء خاصه حينما قالت بألم..

-انا تعبانة اوي ياسهام.. حاسه ان روحي بتطلع مني


لتقول سهام وهي تجلسها وتريحها..

-ثواني يامدام ..هتصل بالدكتور يجي يشوفك وهبلغ ادم بيه


ابتسمت فريدة بوهن ورأسها يميل على الوسادة غائبة جزئيا عن الوعي..

-اتصلي بأدم


لتقول سهام وهى تربت على يدها..

-مدام فريدة... حاسه بأيه بظبط !


-حاسه أن قلب-ي هيقف


امسكت سهام هاتفها لتقول بقلق..

ايوا ياادم بيه... مدام فريدة تعبانة جدا وبتغيب عن الوعي بتدريج


خلال دقائق كان يقود سيارته بجنون والرعب يدب في اوصاله..يكرهها ويحقد عليها ولكن لا يريدها ان تفقد الحياة


كلمات سهام تترد في اذنه

لترتجف يديه على عجلة القيادة ،ليسرع اكثر بسيارته ... كأنه يسابق الرياح..ويسابق الزمن...ويتخطي الخوف والقلق


كأنه يفر من طوفان يلاحقه...

نيران تهدده بإحراقه، ولم تكن سوى نيران قلبه المتألمة بين وجع الماضي.... وقسوة الحاضر


بعد فتره قصيرة وصل الي شقته التي تقطن بها والدته

ليتجه الى المصعد الكهربائي بسرعة البرق .. ليصل الي شقته خلال دقائق


فتح ادم الباب بنسخته الخاصة

وجد سهام تجلس بجانب ...فريدة بقلق

بينما من اوقعت فؤاده.. شاحبة اللون..كالموتى


اندفع ادم نحوها ليقول بقبق..

-سهام ،مالها.. ايه الي حصل


- ياادم بيه هي بقت تتعب كتير من ساعة ما كلمتك بس تعب خفيف... انهارده كانت قاعده وفجأه لقيتها تعبت كدا


صرخ بها ادم معنفًا..

-ومقولتيش ليه، انا جايبك هنا ليه اصلا

غوري من قدامي


خرجت سهام بسرعة،بينما ادم ركع على قدميه

امام فراش فريدة.... وعينيه تفيض قلقًا

وهو يراها ساكنة  بلا حيله


سمع صوت سهام تقول بإرتجاف

-ادم بيه الاسعاف جت


قام ادم وحمل والدته بين يديه وقد لاحظ انها فقدت وزنها بشدة اصبحت هزيلة،صعيفة،هشة


ليخرج سريعًا من البناية،متجهًا الى سيارة الإسعاف المُجهزة ..ليقول وهو يضعها داخلها..

-جاي وراكم


اتجه الي سيارته صارخًا بحرسه..

-محدش يجي معايا،روحوا على القصر


اتجهوا الى سيارتهم..بينما ادم ركب سيارته منطلقًا وراء الإسعاف

       

خرج الطبيب من العناية المركزة..

-ادم بيه قولت والدتك مصابة بالقلب يعني مينفعش الإنفعال والزعل لانها مش في حمل جلطة تانية احنا لسه مخلصناش من الاولى.. مكدبش عليك حالتها خطيرة



لم يسمع ادم المزيد من كلمات الطبيب واتجه الى الزجاج المطل على العناية...

نظر لها عبر الزجاج ودموع محبوسة في عينيه.. وهو يراها موصله بجهاز قلب يعلن ان النبضات ضعيفة


لن ينهز الجبل وتسقط رماله

لن ينهار الأسد ويسقط حصونه


ليخرج من المشفى بهدوء عكس حالته منذ ثوان

كم كان بارعًا في التحكم في تعابير وجهه والحفاظ على بروده وقسوته..

ولكن هيئته لا تُشير انه بخير


                                ***

وصل قصره وقد قاربت الساعة منتصف الليل .... اجتاز البوابة الحديدية بسيارته وسط ايمائات الحراس


دلف ليرى حالة السكون المعهودة للقصر

صعد الى غرفته ليجد تقى جالسة على الأريكة بيدها مجلة اطفال..ترتدي منامتها إستعدادًا للنوم فور وصوله


وقفت  فور رؤيته واتجهت اليه بلهفة لتعانقه..

-اتأخرت اوي انهاردة ياادم


لم يتحرك قيد انمله لم يرفع يده ويحتويها بين ذراعيه كما اعتادت..بل ظل ينظر اليها ...فقط


والصوت الخبيث يقول

" تلك من دم أمجد..ذاك الفاسد الذي دمر عائلتك

وستموت فريدة قهرًا عليه.."


"تُمثل الخوف عليك ولكنها تريد الخلاص منك"


ابتعدت تقى عنه حينما لاحظت جموده

نظرت تقي الي عينيه الحمراء لتقول بقلق..


-مالك ياادم مال شكلك عامل كدا ليه


ابعد ادم يدها عنه قائلاً بجمود..

-مفيش حاجه روحي نامي


ثم سار الي الخزانه ليخرج ملابس منزليه

وهو صامت وهي تنظر اليه بدهشة من جفائه


اقتربت منه مره اخرى واضعة يدها على كتفه..

-مالك ياحبيبي شكلك متضايق


لم تتلقي رد منه،مازال مشغول بملابسه

أمسكت الملابس وهي تقف خلفه وابعدتها


ليلتفت لها بحدة وهو يُبعد يدها..

-قولتلك ابعدي عني مفيش حاجه..روحي نامي


دُهشت ودمعت عيناها وهي ترجع يدها اليها بحرج

تدارك ادم موقفه ورأي دموعها ليتنهد بثقل ثم اقترب منها وقبل جبهتها ليقول بصوتٍ مختنق..


-انا أسف..بس روحي نامي دلوقتي ونتكلم بعدين


ثم تركها وذهب الى الشرفة ليدخن..

و ايقنت تقى انه حزين.. صوته المختنق و عيناه المتعبة  كذالك عصبيته الزائدة..كل تلك المؤشرات تثبت انه ليس بخير


فتحت خزانتها واخرجت مأزر ثقيل بسبب برودة الطقس وخرجت الى الشرفة

وقفت جواره وامسكت يده وهي تشد عليها بقوة قائله بصوتٍ دافئ..


-مزعلتش منك ياحبيبي.. بس قولي مالك انا حبيبتك وهقف جمبك


ليقول ادم بصوت مختنق حاد..

-تقى روحي نامي انا مخنوق دلوقتي وعصبي.. بفضل اكون لوحدي دلوقتي عشان وقت عصبيتي مبشوفش حد

وانتي جربتي بنفسك


لمست في كلماته الوجع... الخوف.. التردد..

اقتربت منه بخطوات بطيئة..ووقفت على قدميه بأطراف أصابعها واحاطت عنقه لتقول..


-انا جنبك مهما زعقت وضربت وقسيت

انا ضلك ياادم خليك عارف ان حضني ديمًا ليك


قبلت وجنته برقه..لتلتف اليه وتعطيه ظهرها

لترجع الى غرفتها


امسك يدها يمنعها أن تذهب وقربها من صدره

نظر لها بعيون تائهه تغطيها سحابة دموع لامعه..

-محتاجك ياتقى محتاجك اوي


احتضنته تقى بكامل قوتها وهي تحتويه كأنه طفلها وليس زوجها..ليتشبث هو بها ويدفن وجهه الباكي في عنقها 

شعرت بدموعه على بشرتها

دهشه تملكتهاو فتحت عيناها بصدمة


"ادم يبكي ! "


كتمت دهشتها وزادت من احتضانه

احتوته بحنانها الذي افتقده عشرون عامًا

ليشعر هو بدفئ كبير


كأن الشمس سطعت بعد يوم ممطر بارد

كاكوب ماء ارتشفه صائم بعد صيام لأيام


تنهد ادم بتأوه نابع من قلبه..

حاوطت وجهه بكلتا يديها قائلة بهمس دافئ وهي تستند بجبينها على جبينه..


انا جمبك ياحبيبي انا جمبك


همس ادم بصوت راجي..

-متسبنيش ياتقى انا محتاجلك


-عمري ما اسيبك حتى لو حاولت تسيبني


تغيرت نظرته الضعيفة لأخرى راغبة..وربما تائهة

حملها ادم بين يديه..لتشهد ضعفه ودموعه

لتشاركه ألام قلبه الذي اعياه..لتتحطم اسواره وحدوده لتعبر الي قلبه مباشرة بدون عوائق


ويمتلك هو كيانها طاردًا خوفها منه ..

لتتجمع القلوب التائهة في نقطه واحده.. نقطة تسمي العشق... العشق فقط


تعودت دائمًا ان تستيقظ وهي نائمة على صدره لكن اليوم مختلف!


هو من يريح رأسه على صدرها محتضنًا اياها 

يتمسك بها في واقعه واحلامه


مسدت تقي على خصلاته  الناعمة برقة لتهمس..

-آدم


كان شارد..لم يجب على ندائها

نزلت دموعها كلما تتذكر بكائه ليلة امس لتشعر بوخز في فؤادها..لتسمع صوته الهادئ..


-بتعيطي ليه


مسحت تقى على خصلاته وهي تمسح عينيها بسرعة..

-مبعيطش ياحبيبي


شدد ادم من احتضانها بصمت لتفعل المثل وتقول..

-مش عايز تقولي كان مالك امبارح


ابتعد عنها بوجه جامد خالي من التعابير ليقول..

-مفيش حاجه


كاد ان يقوم ولكن يد تقى كانت اسرع لتمسك يده قائلة بسرعة..

-ايا كان الي خانقك انا جمبك


-ودا الي انا عايزه


تسطحت مره اخري بكسل..بينما ادم يخرج ملابسه من الخزانه..كي يذهب لمن سالت دموعه عليها ليلة أمس..


                           ***

تنهد محمد ليقول بهدوء وهو يجلس

-والله يابني نصيبها كدا..ربنا يصلح  حاله بعيد عننا ياعلي


اجاب صاحب العينين السوداء بصوتٍ غليظ..

-لو عايز نوريه مقامه ياحج نوريه

بس نعرف هو عمل ايه


ليقول محمد بقلة حيله..

-سماح مش راضية تتكلم يابني مش راضية تقولي حصل ايه ..كل الي عليها بتعيط وبس


-ماعاش الي يضايق ست البنات ياحج

انا هجيبه واعرف هو عمل ايه


نهاه محمد عن رغبته قائلاً..

-لا يابني متعملش حاجه الحمدلله ان الخطوبة دي انتهت


ثم تابع وهو يغير مجرى الحديث..

-عبد المنعم عامل ايه ياعلي ونعيمة واخواتك


ليرد علي بإقتضاب..

-كويسين ياعمي بس عمتي نعيمة تعبانة...ورايده تشوفك انتا وحريمك


-مالها نعيمه ياعلي فيها ايه


-قلبها واجعها ياعمي وكل ليلة نروح بيها المستوصف وهي رايده اجيلك السكندرية عشان ابلغك


تنهد محمد بحزن..

-ياريت اقدر يابني بس ابوك غضبان عليا

دا لو عرف انك جيتلي تاني هيضايق

كفايه لما عرف المره الي فاتت


ربت على قدم عمه ليقول..

-ابوي الي باعتني ياعمي وبيقول هات حريمك وارجع الصعيد تاني


لم يستوعب محمد ماقاله علي ليقول بتوجس..

-طب وفاطنة هيعاملها ازاي


ليقول علي بصوت خشن..

-حريمك معاك ياعمي... ارجع دارك وكفياك عيشة اسكندرية،انتا عندك اراضي ومال عيب انك يبقا عندك مالك وتشتغل في كشك صغير زي ده..


انهي جملته وهو يشير الي المحل ليقول محمد بضيق:

-هو الشغل عيب يابن اخويا


-لاه مش عيبه ،بس العيبة انك تكون من كبارات الصعيد وتشتغل كده في البندر


-عيشتي هنا وشغلي وحالي

وبنتي متجوزة هنا مش ههد كل الي بنيته في السنين وارجع يابني


هب علي واقفا وهو يهندم قميصه..

-انا بخلص شغل هنا ليومين

فكر ياعمي وبلغني


ثم غادر بهدوء تاركًا محمد غارق في افكاره وهو يسترجع ماضيه الخفي،الذي فتحت صفحاته مره اخري....


                                ***

جهاز القلب يصدر صوت منتظم وانفاسها ثقيلة مجهدة... الأجهزة موصله بها لتبدو بغاية الضعف والهوان

وخط شفاف بجانب عيناها... بل دموع


تبكي! هل تبكي علي ترك امجد لها

ام تبكي نادمة !

ام تري ما يزعجها في أحلامها


هز ادم رأسه محاولاً التحكم في تساؤلاته

ومد يده بتردد ليمسك ..يدها تلك اليد التي تشبث بها بترجي لتبقى ولكن افلتته بقسوة 


حسم قلبه تلك المعركة وامسك يدها..لتهبط دمعاته تغطي وجهه..وهمس خائن فلت من بين شفتيه..


-امي


تلك الكلمة المكونة من تلاث حروف

والتي لم يقولها منذ رحيلها وخذلانها له


فتحت عيناها بضعف..وهي ترى خياله يهتز بتشوش

لتقول بصوتٍ ضعيف..

-ادم..انت هنا بجد


سماع صوتها الضعيف كان له تأثير اقوى على قلبه

لتظهر دموعه المحتجزة داخل  عيناه التي قست لسنوات

ورقت الآن..ولكنه أبعد يده عنها وأجاب

-اه هنا


هبطت دموعها أكثر حينما رأته بوضوح..

-طـب قرب شويه


لم يشئ أن يقترب ولكن دموعها ارغمته

واقترب منها بنفس ملامحه الباردة

لتتحسس وجهه وهي تبكي وتبتسم..لا تصدق هو امامها رغم انها رأته مرتان ولكن تشعر انها تراه  للمره الأولى


اخذ وسامة والده القاسي ..واخذ عسل عيناها مع لمحه من اللون الأخضر الذي لا يظهر سوى عند لامعان عينيه


-ادم


امسك ادم يدها هامسًا بضعف وعينيه لامعه تهدد بهطول دموعه في أي لحظة..

-نعم


-اسفة اني سبيتك بس كان غصب عني و..


قاطعها ادم وهو يمسح دموعها بأنامله..

-شش متعيطيش ومتقوليش حاجه دلوقتي


هزت فريدة رأسها لتقول باكية..

-اسمعني ونبي انا اسفة.. انا ام فاشلة اني سبتك 

انا زوجه خاينة.. انا مستهلش اي حاجه كويسة بس صدقني انا ندمانة،ابوك ظلمني ياادم


حاول الحديث ومقاطعتها ولكنها أكملت..

-ابوك خاني هو كمان..و كنت بشوفه بعيني وهو يبصلي ببرود كإن محصلش حاجه،كنت محتاجاه... كنت محتاجة احس اني ست متجوزة عايشة حياة سعيدة


وانا ملقتوش كان ديمًا في شغل او مع واحدة من الي يعرفهم..بس


أغمضت عيناها بخزي وفتحتها لتقول..

-امجد بس الي حسسني اني جميلة، حسسني اني ست بجد مكنتش اعرف انه بيستغلني


لتكمل ببكاء مرير..

-والي خلاني اكمل في غلطي إن ابوك كان عارف علاقتي مع امجد بس سكت..حسيت اني مليش لازمة في حياته

وقررت ارمي كل حاجه ورايا حتي انت


اغمض عينيه بألم ليقول..

-بس اسكتي


-والله العظيم ندمانة انا اسفة بجد


ترك ادم يدها ونظر لها بجمود ليقول بصوت بارد خالي من المشاعر التي تجيش داخله...

-وانا مش مسامحك حق العشرين سنة الي عشتهم من غيرك.. وزي ما قدرتي تعيشي من غير ما اسامحك عشرين سنة...آقدري عيشي الي باقي من عمرك وانا مش مسامحك


نشجت بضعف ورجاء..

-ادم


ليقول ادم وهو يقف يهندم ملابسه..

-الشقة الي انتي فيها بإسمك..وحطيتلك حساب مفتوح في البنك..وكتبتلك عربية بأسمك،وحواليكي ناس تساعدك


كدا انتي مش محتاجة حاجه..ولو علي مسامحتي يمكن يجي يوم واقدر اسامحك ولحد ما يجي

اليوم دا انسيني واستنيه وبس


خرج ادم من الغرفة وهو يتنهد بإرتياح حتى وان لم يسامحها ..فهو حاليًا لا يكرهها سمع اسبابها الغير منطقية بالنسبة له


لتنتهي تلك القصه المأساوية بين الأم والإبن 

لتنتهي تلك البقعة السوداء التي توسعت في قلبه


يريد ان يعيش حياة هادئة مع زوجته بعيدًا عن القسوة ورسوب الماضي..يريد ان يبدأ بقلب محب و بداية جديدة


لتصبح هي ماضيه وحاضره ومستقبله

حتي ان ان قسى سيحاول ان يتغير ليكون الأفضل لإجلها

هي فقط ..... حوريته تقى



                          ***

NomE-mailMessage