رواية | قاسي ولكن أحبني الجزء الثاني
الفصل الثاني
وسقطت في براثن غضبه
تمالك غضبه وحاول أن يستفهم أكثر...
-قصدك انك رميتي كل كلامي ورا ضهرك
وجاية تقوليلي انك حامل !
تشنجت ملامحها لتقول بقلق..
-ايوا حامل ياادم حامل في الشهر الأول
روحت لدكتورة انهارده وكشفت..بس مرميتش كلامك ورا ضهري الي حصل دا إرادة ربنا
تحدث بغضب هادر وقبضته تعتصر يدها..
-مش قولت تنسي حكاية الحمل دي !
وازاي تروحي مكان ومتقوليش اصلا
ورغم أن حارسه اخبره أنها اتجهت الى عيادة نسائية برفقة صديقتها..ولكن أودع ذالك ان تلك الزيارة تخص صديقتها
تنهدت بهدوء محاولة تجاهل قبضته التي كادت ان تكسر يدها لتقول برفق..
-ادم اهدى المفروض تفرح ان هجيلك طفل مش تغضب كدا..في ناس بتتمنى طفل من صلبها
صرخ والشر يتطاير من عينيه...
-اهدى انك بتتحديني ياتقى
افرح انك هتجيبي طفل انا مش عايزه
اصلا ومش هتقبله ابدا ولا هسمح انه يجي الدنيا !
-قصدك ايه ياادم!
تحدث بصرامة وحسم...
-مش عايز الطفل دا نزليه ياتقى..انا مش عايزه فاهمة
حدقت في وجهه بصدمة والدموع تنهمر علي وجنتيها..
-ادم انتا بتهزر صح انتا عايزني اموت روح!
انت عايزني اموت ابني ياادم !
ادم ببرود عكس قلبه الذي يموت ألما..
-اه هو كدا بظبط هاخدك بكره وتنزلي الطفل دا ونرجع لحياتنا الطبيعية
صبرها نفذ لن تستطيع سماع المزيد من كلامه المسموم
صرخت تقى بحدة...
-انت بتقول ايه حياة ايه، ازاي جالك قلب تقول كدا ازاي عايز تموت ابنك وتعرضني لخطر جايب قسوة القلب دي كلها منين
امسك ادم جذعها وعقده خلف ظهرها لتصرخ بألم ليقربها من صدره ويقول...
-صوتك يوطي احسنلك ياتقى
والقسوة الي بتقولي عليها دي انتي مجربتيش مرارتها ولا شفتي ربعها...ولو عايزة تشوفي وشي التاني حاضر اوريهولك
ثم تابع بحدة أكبر
-واياكي ياتقي اسمع صوتك عالي
وكلامي هيتنفذ غصب عنك
تقي بألم وهي تتلوي بين يده وبكاؤها يعلو أكثر..
-مش هنزل ابني ياادم مش هغضب ربنا..وصوتي مش هيعلي عشان مش هعيش معاك ثانية واحدة كمان
لتتابع بصوت ضعيف يغلبه البكاء..
-طلقني ياادم لو عايزني انزل الطفل دا
طلقني وانا هبعد عنك وهربيه لوحدي مش هنحتاجك
صعق ادم من جملتها التي جعلت فتيل غضبه يشتعل لتحي القسوه مره اخري في قلبه
ازاد ادم من قبضته عليها قائلا بغضب مشتعل وعينين ضاقت..
-انتي قولتي ايه !
لم يتلقي منها سوى البكاء فقط ليصرخ ادم بغضب مكررًا سؤاله..
-قولتي ايه انطقي
-ايدي هتتكسر
هتف بغضب وانفاسه الاهبة تلفح بشرتها التي شحبت من الخوف والألم الجسدي..
وهكسر دماغك لو قولتي طلاق تاني ياتقى انتي فاهمه كلمة طلاق د متتكررش تاني وإلا هوريكي أيام سودا
لتهمس تقى بألم لم تحتمله...
-ايدي..
ووقعت مغشية عليها بين يديه
ليقتلع قلبه من مكانه خوفا عليها وخاصة عندما رأي شحوبها الذي ناقض هيئتها منذ دقائق..في ثوان معدوده تبدلت ملامحه الغاضبة الى خوف ،بل رعب علي محبوبته
ليحملها بين يديه ليسطحها علي فراشه الوثير برقه كأنها ماسه يخاف ان تنكسر
عكس قسوته منذ دقائق
امسك زجاجه عطره وقربها من انفها لتستعيد وعيها ولكن لم تستحيب لمحاولاته
اسرع الى خزانتها ليجلب مايستر جسدها الذي يظهر من قميصها القصير..ظل عدة دقائق يلبسها ماطالته يده ويغطي شعرها الاملس ليستدعي الطبيبة لتفحصها
امسك ادم هاتفه واسرع بالاتصال علي الطبيبة يطلب حضورها ومعها ممرضة بأقصى سرعة
وجلس بجانب تقى وامسك يدها
كان قلبه بنتفض بخوف ولوعة
وعقله تائه لا يدري ماعليه فعله الآن
ولكن مايعلمه جيدًا أنه لن يكون بخير إن أصابها مكروه
بعد فتره قصيره حضرت الطبيبة ومعها الممرضة واجرت الفحص عليها لتقول...
-ادم بيه المدام ضعيفه جدا
ومحتاجه تغذيه علشان الجنين
وياريت تبعد عن اي ضغط نفسي
عشان ممكن يأثر علي حياتها وحياة الطفل
ألقت جملتها وهي تدنو بعيناها نحو يدها التي ظهر عليها أثر قبضته القوية...مسح ادم وجهه بيده وتنهد بختناق
-ماشي انا عايز الممرضة دي تفضل معاها
زي ماقولتلك لحد ما حالتها تتحسن
-انا جبتلك اكفئ ممرضة عندي ياادم بيه
واي حاجه تحصل منى هتقوم بيها
ثم اعطته الروجته قائلة...
-دي شويه فيتامينات تاخدهم بإنتظام
-ماشي اتفضلي انتي
اوصلها الى باب القصر ثم اعطى ورقة الدواء للسائق كي يجلب محتواها في الحال
ثم دلف ادم مكتبه محاولا التفكير في القادم مع تقى وهل سيسمح بوجود الطفل او اجهاضه !
ظل في مكتبه فترة طويلة الى ان طلع الصبح واشرقت الشمس لتتراقص اشاعتها في السماء
خرج ادم من المكتب والإرهاق يكسو ملامحه بوضوح وذهب الي غرفتهم ليأخذ حمام دافئ وابدل ملابسه
وخرج من القصر سريعًا وقلبه يموت من الإختناق
لتفتح تقى عيناها وتطلق شهقة بكاء عالية
استفاقت من شرودها حينما شعرت بالأمطار بدأت تُبللها
لتمسح تلك الدمعة الهاربة قائلة بحزم..
لا مش هتخلي عن ابني مهما حصل
مش هغضب ربنا وهتمسك بيه..حتى لو غصب عنك ياأدم
ثم دلفت الي غرفتها لتدفن نفسها في فراشها محاوله عدم البكاء والتماسك
***
كان يجلس في زاويه بعيده
يتأمل الفراغ امامه
نمت لحيته الذي اصبح يغزوها بعض الشعيرات البيضاء اصبح وجهه يكسوه الارهاق والذبول ولكن لم تغب نظرة المكر في عينيه
اقسم الف يمين ان من ادخله بين قضبان السجن سيجعله يندم اشد الندم
ان كان الشهاوي او الصياد..ليهمس في نفسه بتعب..
-لحد امتا هفضل هنا
والمحامي الزفت دا اختفي فجأه بعد الحكم
بس اكيد في طريقة اخرج بيها من هنا
قطع شروده صوت غليظ ينادي بإسمه
-امجد السيوفي عندك زيارة
وقف أمجد وكله أمل أن يكون هذا محاميه شوقي
ولكن حينما وقف أمام الرجل الأخر عبر السياچ..
-عز !!
حرك عز رأسه بإيجاب وقال..
-ازيك ياامجد
عقد امجد حاجبيه ساخرًا...
-دلوقتي خلاص بقا اسمي أمجد
راحت كلمة بيه زي ماراحت كل حاجه
-والي يرجعلك الكلمة وفلوسك وكل حاجة راحت منك
وكمان يخرجك من هنا !
انتبهت حواس الأخر ليقول بصوتٍ منخفض..
-قصدك ايه ياعز انا مش فاهم
بس كل دا هيكون مقابل ايه !
كان وجه عز جامد..لا ملامح واضحة تكسوه
ليقول بعزم ولمعة عيونه لم تغب عن إنتباه أمجد...
-تقى..زي مارميت بنت اخوك بإيدك من الصياد
هتجيبها بردو بنفسك منه
سخر امجد منه وهو يُمسك السياج..
-وانت عايز تقى في ايه بقا
خصوصًا إن الكلب دا اتجوزها
تجعد وجه عز ليقول بحدة..
-انت ليك اخرجك واسفرك من هنا
يعني متسألنيس عن اي حاجة
غضب أمجد ولكن كتم غضبه وإبتسامة صفراء ظهرت على ثغرة ليقول...
-مش هسألك وماله..وانا موافق
***
تأفأفت سماح وهي جالسة معه في منزل والداها..هو صامت ويتلاعب بالحلقة الفضية في اصبعه بصمت
بينما هي جزت على أسنانها بعدم تقبل لتتنهد بعدها وتُجيب ببرود..
-اهلا ياحسين
-اهلا بيكي ياسماح..عاملة ايه !
اكتفت بقولها بإختصار..
-انا كويسة
ساد الصمت مره اخرى ليقول..
-انتي عايزاني ياسماح ولالا
-وليه السؤال دا دلوقتي !
حسين مكرر سؤاله بجدية...
-عايزة نكمل مع بعض ولا لا ياسماح
ردت هي بضيق مندفعة...
- وانا قولتلك لازمته ايه السؤال دا
اطلق حسين تنهيدة قوية قائلاً...
-عشان مش شايف انك قبلاني..كلامك معايا باختصار انا في قولت ممكن بسبب كسوفك مني
إنما بعد كدا حسيت انك متغصبة عليا
بتكلميني بالعافية طلبت منك نقدم ميعاد كتب الكتاب وانتي مش راضية
حتي اغلبية حاجه الشقة..بقولك اختاري بتقولي اي حاجه
فا يابنت الحلال ردي علي سؤالي..انتي مغصوبة عليا
لم تجد سماح اي فائدة من استكمال خطبتهم وهي لا تتقبله نهائيًا..لا قلبها يتآلف مع قلبه..ولا عقلها يتقبل وجودها معه بأي شكل..لذا تنهدت لتقول..
-ايوة انا مغصوبة عليك ياحسين ومكنتش متقبلة الخطوبة دي بس اهلي كانو هيزعلوا لو رفضتك
صدم حسين من ردها ذاك وشعر ان كبريائه تحطم بطريقة مُهينة ليُكرر...
-مغصوبة عليا!!
طرفت عيناها لتقول بكذب...
-ايوة انتا سألت وانا محبتش اكدب عليك
نظر الي دبلته الفضية التي في اصبعه مطولاً
وحسم امره سريعًا..ليخلع الدبله ووضعها علي المنضده امام سماح التي ذهلت من فعلته
إبتسامة هادئة مرسومة على شفتيه عكس عينيه التي سكنها الحزن من نفورها منه...
-خلاص مفيش غصبانية عليكي ياسماح
انا مش هغصبك تكملي معايا..وانا الي بحررك اهو من الخطوبة دي عشان محدش من اهلك يلومك او يزعل منك
نظرت له سماح بتأنيب ضمير ولكن فرحتها غلبت على التأنيب...
-انا اسفة يا حسين
قاطعها حسين بإبتسامة لم تصل لعينيه..
-بتعتذري ليه بس كل شئ نصيب
ثم هب واقفا ليرحل..لتقف سماح هى الأخرى قائلة..
-ربنا يرزقك ببنت الحلال الي تحبك وتجعلك سعيد في حياتك
تحدث بصعوبة ليقول..
-وانتي كمان..ربنا يوفقك
خرج من غرفة الجلوس ليترك سماح يأكلها تأنيب الضمير خاصة من معاملتها الجافه له..وهي تخبر نفسها أن من المفترض أن تكون ألطف معه كي لا يحزن... ولكن سرعان ما تذكرت مصطفي وعشقها له
لتنظر الى دبلة حسين الموضوعة على الطاوله ثم تتنهد بأمل أن تسير الأمور كما تتمنى
***
استيقظت سمية على رنين هاتفها كما تعودت في الاونه الأخيره ..إتصال من المجهول الذي يلاحقها
لتُجيب بنعاس..
-الوو
-اول مره تردي بالعربي
تحدثت سمية بضيق..
-عشان عارفة ان مفيش حد بيتصل في الوقت دا غيرك ممكن بقا تبعد عني..وتسيبني أنام !
-لالا مش هبعد انا هعمل العكس
اعتدلت سمية وهتفت بضيق..
-يوووه انا زهقت بقا غيرت نمرة الموبيل وبردو جبتها اعمل ايه تاني عشان اخلص منك
-بسيطه جدا تقابليني وكدا هتخلصي من زني ياجميلة الجميلات
-لا والله المفروض اصدق واقولك ماشي موافقة اقابلك!
انتا مبتزهقش بقالي شهر بقولك مش هقابلك
-طب قومي من السرير الأول وافطري واشربي قهوتك زي مااتعودتي
لم تستعجب سميه فهي تشعر بأنه يراقبها من كل مكان فهو يعلم كل تفاصيلها
متي تأكل متي تمارس الرياضة
متي تخرج من المنزل متى ترسم تصاميمها
يعرف كل تفاصيلها
مما سبب لها الرعب في الاونة الأخيرة
-انتا عايز مني ايه بظبط ..الوضع مبقاش مُريح ابدًا
تحدث معتز بصوت واثق مخلوط بحنان..
-عايز اتجوزك ياسمية بس كدا
ويلا قومي عشان تلحقي ميعاد بروڤا الموديل
ثم أغلق الخط وسمية تنظر الي الهاتف بعدم استيعاب
ولا تدري مالذي يجب عليها فعله مع هذا الرجل !
***
صعد ادم الي غرفة تقي
فتح باب الغرفة بهدوء..وجدها منكمشة في فراشها كوضع الجنين..ومن الواضح أنها تبكي
تحدث بجمود وهو يقترب من فراشها..
- قومي كلي
همست بصوت مختنق من البكاء ..
-مش عايزه حاجه
ادم بهدوء وهو يجلس جوارها ويمسد علي وجنتيها بحنان فاجئها...
-ياتقى قومي كلي زعلنا ملوش دعوة بالأكل من امبارح مكلتيش حاجة
اعتدلت تقى في جلستها قائلة بحدة..
-ما انت ممكن تكون حطتلي حاجه في الاكل تخليني اسقط مش بعيدة عليك
صدم ادم من كلماتها المُتهمة..تقلصت عضلات فكه وكور يده..ايعقل انها تظن انه سيؤذيها !
اغمض ادم عينيه محاولا تهدئه نفسه لكي لا يفسد الأمر اكثر ليقول بغضب يغلفه الهدوء:
-انا مستحيل اعمل كدا وانتي عارفة كدا كويس فابلاش تستفزيني بكلامك ياتقى..ويالا عشان تاكلي
-قولتلك مش هاكل حاجه
ومش عايزه غير انك تطلع برا وتسيبني انام
ادم وقد نفذ صبره وبنبرة تحذير..
متأكدة ياتقى انك مش هتاكلي
تحدثت تقى بتصميم...
-اه متأكدة
في لمح البصر جلس ادم ورائها وجلب الطاوله امامها وكتف يدها بيده..لتقول وهي تتملص من يده..
-اوعي كدا ياادم ابعد عني
لم يجبها ادم وامسك الملعقة ودسها في طبق الحساء وقربها من فمها قائلاً...
-افحتي بوقك ياتقى
حاولت الإفلات منه بعناد..
-قولت مش هاك..
قطع كلماتها وهو يطعمها..
-اسكتي بقا وكلي
ابتلعت تقى طعامها بغيظ وهو تنظر له بحدة
ليبتسم ادم علي حركاتها الطفولية في اكل الطعام
رغما عنه عانقها بشده من ظهرها ودفن وجهه في عنقها وهو يستنشقها بقوة
تصلبت تقي لم تعرف ان تبتعد ام تضمه في احضانها محاوله طمئنه هواجسه وخوفه
ولكنها فضلت ان تبقي على حالها ولا تتحرك
لا ينبغي أن تبادر حتى ولو بالرفض ظلت ساكنة لدقائق
ثم ابتعدت بهدوء وللعجب تركها تبتعد
ودلفت الي حمام غرفتها لتقف خلف الباب وتضع يدها على وجهها ودمعة هاربة تحررت من اسر عينيها
..لتطلق عنان دموعها تهبط بهدوء كما شائت نفسها المتعبة.. وشهقات خافته يصدرها قلبها الحزين
بينما ظل ادم في مكانه لم يتحرك قيد انملة..وهو يسمع صوت بكائها...لا يتحمل حزنها
ولن يتحمل وجود طفل لهما..لن يتحمل ابدًا
***