JavaScript is not enabled!...Please enable javascript in your browser

جافا سكريبت غير ممكن! ... الرجاء تفعيل الجافا سكريبت في متصفحك.

-->
Startseite

رواية رد قلبي الجزء الثاني "الفصل الخمسون"

 

رواية رُد قلبي الجزء الثانى 

الفصل الخمسون 

................................................ 

عودة لوقتٍ مضى.. 


كانت تغلي وتزبد حينما سمعت بخطبة زوج ريشة

وبكاء تلك الفتاة المسكينة يقطع قلبها كسكين شرسة

تشفق على حالها العثر الذي أوقعها في رجل يملك ألف حبل يخنقها بها، وأول حبل أحكم وثاقه حول عنقها كان حبل الحــــــــب

ذاك اللعين رغم علمه بحب ريشة له ركض بكل قوته ليتزوج امرأة أخرى ويقهر قلب ريشة.. استطاع بكل جبروت أن يجعلها تبكِ بذاك الشكل المؤلم الذي رأت حالها عليه منذ قليل


فكرت بحسرة وهي تطلع خارج نافذة سيارة الأجرة

الخطأ لا يقع عليه بمفرده.. بل على تلك الحرباء التي التفت حول رجل متزوج وسرقته من امرأته بكل خسة ووقاحة، ولن تمرر فعلتها تلك على خير.. بل ستريها فداحة مافعلته الآن.. ستنتقم لريشة ولو بقدر ضئيل للغاية، لن تجعلهم يظنون أن ريشة وحيدة ليس لها من يدافع عنها أو يعاقبهم على جرحهم لها

لن تتخلى عن حقها ابدًا.. هي أمانة في عنقها

وإن كانت قصرت في الماضي.. لن تسقط في التقصير ذاك مره أخرى


بتلك الأفكار عقدت العزم على تلقين روڤان وشَريف درس لن ينسوه أبدًا، وفضيحة ستظل خالدة في أذهانهم جزائًا بما فعلوه في ريشة الصغيرة

هي لم تكن تستحق منهم ذاك الغدر الذي لقته منهم

وبما أنهم اختاروا الغدر طريقًا لهم.. ستبارك هي طريقهم ذاك بما لذ وطاب من أفعالها.. واستحقوا بجدارة ماستفعله.. يستحقوه بكل تأكيد..! 

                            ***

حفل هادئ في أحد الأماكن الراقية، التي تناسب خطبة عروسان من طبقات المجتمع الراقي

لم يكن حفل مبالغ به يبهر ويعلق في الأذهان.. ولكنه كان جيد يضيف في النفس راحة وبهجة


كانت أجواء الخطبة تسير بسلاسة ورقة والكثيــر من الرُقي ايضًا.. المدعون يقضون اوقات لطيفة في الثرثرة والضحك تحت السماء الصافية بخيوط نهار ما بعد العصر.. ونسيم يداعب الوجوه

والموسيقى الهادئة تزيد من رُقي الأجواء ورقتها


نساء يتألقن في ملابس ناعمة تليق بجنس حواء

وبتلك المناسبة السعيدة.. وبالطبع حاولن التسابق في من تظهر أكثر جمالاً وتألقًا في حفل الخطبة

سوائًا من أقارب العريس أو العروس

وكان الرجال ايضًا متألقون في بذلات رجالية أنيقة أضافت لهم هيبة وأناقة لم تكن هينة ابدًا

وفي حين أن كل شيء يميل للمثالية.. كانت العروس ايضًا تشع جمالاً وجاذبية..وحزنًا

ذاك الحزن الذي ظهر في عيناها بوضوع مع بقايا كبرياء مكسور تحاول ترميمه بتلك الخطبة، فـعلى يسارها يجلس رجلاً مناسب يصلح أن يكون زوجًا لها

او بديلاً عن إبن الصياد الذي هجرها بكل سهولة وجعلها تسقط لسابع أرض بعدما رفعها حالمة الي سماء الحب


سقطت بعنقها فنكسر هو وقلبها ومعهم كبريائها

قاومت دموعها وهي تستقبل عبارات المباركة بإبتسامة متكلفة أضفت لها نعومة حزينة.. ظاهرة على وجهها.. وكلما كادت تهرب من الحفل داهمها عقلها بتلك الذكرى ليعلمها درس قاسٍ يجعلها تصمد وتكمل الحفل وقرارها الذي اتخذته في أوج جرحها


عودة لوقتٍ مضى... 

كانت جالسة على مكتبها تتابع عملها بهمة ونشاط والكثير من السعادة، فـ اليوم ستكون أكثر جرأة في اظهار سعادتها للعلن.. هي ليست مضطرة لتخفي حبها من جديد فشريف سيتوج حبها له عن قريب

مسألة أيام قليلة ويطلب الزواج منها بشكل رسمي

وتكون زوجته.. 


داهمها خاطر داخلي يؤنبها داخلاً ويقول مصححًا

" زوجة ثانية.. وليست زوجة وحيد"

تعكرت سعادتها للحظات وهي تترك الحاسوب وتشرد

تحاول التأقلم مع كونها ليست الوحيدة في حياته

نعم هي تحبه وراضية ولكنها ليست الوحيدة

آهٍ لو أنها الوحيدة في حياته وقلبه.. آهٍ لو أنها الأولى والأخيرة.. لكام كل شيء يصبح مثاليًا ويزيدها سعادة.. ولكن لا بأس لا بأس


خرجت من شرودها على صوت شَريف يخرج من سماعة مكتبها يقول برسمية... 

-استاذة روڤان تعالي على المكتب


لم تفكر مرتين هي تندفع واقفة وتذهب له سريعًا بلهفة خفية.. لا ليست خفية.. بل جعلتها ظاهرة للعلن

دلفت لمكتبة بابتسامة واسعة وعيون لامعة بالحب

وهي تقول بوجهٍ مشرق... 

-عايزني في حاجه


لم تلحظ اشاحة عيناه عنها كما رنة صوته الرسمية منذ لحظات.. كانت عمياء عن اشارات التحذير التي تظهر حوله.. كانت مدلهة في حبه ولا تعلم يسارها من يمينها.. إلى أن نزلت كلماته كصفعة قاسية على قلبها وهو يقول بهدوء... 

-عارف الي هقوله دا ملوش اي لازمة جنب شعورك

لكن أنا أسف.. مش هقدر اتجوزك، أنا كلمت اخوكِ وعرفته اني مش هقدر أتمم الجوازة دي

أنا أسف ان بسبب اندفاعي ورطتك.. لكن مش هقدر أكمل في حاجه هتفشل


رمشت تباعًا وهي لا تستوعب ما يقوله

وكأن عقلها سابح في غمامة تحجب عنه ما يقال

فتمتمت بذهول... 

-ايه.. تـ.. تفشل


حرك رأسه بإيجاب وهو يتنهد ويغمض عيناه للحظات ولازال يطرق بأصبعه على المكتب قبل أن يقول بنبرة جافة... 

-أه هتفشل.. أنا مقدر مشاعرك ومش حابب أندمك في يوم عليها، أنا اتسرعت في طلب ايدك بسبب خلاف بيني وبين مراتي.. عشان كدا وجب اعتذرلك أنا مش هقدر اتجوزك بدوافع مش صادقة


زاغت عيناها وامتلئت بالدموع وهي تقول بصوتٍ مضطرب باكٍ

-طب طب أنت محسيتش تجاهي حاجه أو.. 


قاطعها بحسم وهو يتابع بهدوء

-مفيش داعي للأسئلة دي ياروڤان.. أنا بعتذرلك مع إن مفيش اعتذار يوفي.. لكن لو الاجابة هتحسم اي مشاعر ليكِ فا أنا مقدرتش احبك.. مفيش انسان في الدنيا بيحب اتنين


"مفيش انسان في الدنيا بيحب اتنين"

جملة قاسية جعلتها تدرك أنه لم ولن يحبها.. لأن قلبه مشغول بأخرى.. لذا وبكل هدوء وقفت من مقعدها مستأذنة وغادرت الشركة..ومرت الأيام تعاني اكتئاب وجرح ماسببه لها من ألم.. ومع أول خاطبٍ لها وافقت.. وكأنها تثأر منه.. او تثأر من نفسها التي احبته


استفاقت من شرودها على وقوف شقيقها أمامها ومعه رجل قوي البنية حاد الملامح يقول بهدوء لشادي خطيبها ولها... 

-ألف مبروك


أشار له شقيقها باسمًا وهو يحادث شادي.. 

-دا سلطان أكيد فاكره ياشادي كان معاك في الكلية الحربية.. رغم ان والدته تعبانة مرضاش يفوته الواجب كالعادة


صافحه شادي بحرارة وتحرك بعيدًا عن عروسه بعدما استأذنها بلطف وسار مع شقيقها وسلطان وهو يسترجع معه ذكرياتهم الصعبة في دراستهم.. ومع كل ذكرى كانوا يضحكون تارة ويتغضن جبينهم يرددون الحمد أنهم انتهوا من تلك الفترة الصعبة.. وفي غمرة اندماجهم انتبهوا على صوت صراخ متداخل والجميع متجمع حول العروس التي تصرخ بكل قوتها 

وأمامها امرأة تشد شعرها بكل عنف وهي تكيل لها الضربات وتقذفها بشتائم عديدة


ركض شقيق روڤان وشادي لها أما سلطان تسمر في محله للحظات وهو ينظر لذاك الجسد بلا استيعاب 

ذاك الشعر الغجري الأسود المجموع فوق رأسها في ربطة صارمة كي تأمن شر أصابع الأخرى

وذاك العنق الطويل بتلك الشامة التي يعرفها جيدًا

وذاك الفستان الذي رأه صباحًا على.. غزاااال! 


توسعت عيناه وسقط كأس العصير من يده وهو يستوعب أن تلك المرأة التي تضرب العروس بكل غل وقوة هي خطيبته غزال.. ومن حولها يحاولون جذبها لتترك شعر المسكينة

ركض حيث العراك والتجمع وهو يسمع اصوات العراك تزيد وتجمع أفراد العوائل.. وصديقه والذي هو شقيق العروس يمسك كتفي غزال يحاول أبعادها عن شقيقته


والجميع يشتمونها ويطلبون الأمن ليتخلصوا من تلك المجنونة في مشهد هزلي لم يخطر على باله ولا حتى في الاحلام 

انسل بين الناس بسرعة وغضب وقد استفاق من صدمته تمامًا وصرخة حادة منه وهو ينتشل غزال من خصرها يحملها بعيدًا عن الفتاة التي قُطع شعرها

وهو يقول بحدة... 

-سبيها بقولك سبيها


صدمت غزال من ظهور سلطان فجأة وهو يحملها عن الأرض بضع انشات ويطلب منها أن تترك سارقة الرجال بتلك الحدة وتلك العيون الغاضبة.. ولن تنكر أنها خافت ولكن رغم ذالك تشبثت بشعر روڤان الباكية التي تحاول الفكاك لتصرخ غزال بعنف... 

-مش هسيبها قبل ماأربي خطافة الرجالة دي الي سرقت شريف من مراته.. سيبني انت ياسلطان


قرص خصرها ببعض القوة وهو يصرخ فيها بحدة.. 

- بقولك سبيها حالاً وإلا مش هيحصلك كويس

سبيها احسنلك ياغزال


ثوان.. مجرد ثوان وتركت شعرها لتسقط روڤان أرضًا تشهق منهارة في البكاء وقد فسدت زينتها وبالطبع قُطع شعرها وبات أشعث بشكل مزري


بينما الجميع يحدقون في سلطان بذهول أنه يعرف تلك المجنونة التي هجمت على الحفل وانكبت فوق روڤان تضربها وتنعتها بأبشع الألفاظ وكأنها فتاة تنتمي لطبقة منحلة لا تعلم للاحترام طريق

جذبها سلطان بصعوبة وابتعد عن الجمع وخرج من منطقة الاحتفال الذي انقلب لكارثة وهو يصرخ فيها بجنون... 

-فهميني ايه الي جابك هنا وايه الي هببتيه دا.. انتي اتجننتي


كانت تلهث بعنف ووجهها الأحمر يتحدث عن هول ما خاضته في ذاك العراك وهي تقول من بين انفاسها بغضب... 

-لا متجننتش أنا بجيب حق ريشة من خطافة الرجالة الي جوا دي الي سرقت جوزها منها.. مش هشوف ريشة بتموت ودي بتتهنى بشريف الصياد


لم يستوعب سلطان الجنون التي تتفوه بها وكاد أن يرد عليهها ولكن جاء أمامه بعض الرجال من عائلة شادي والعروس المضروبة يقفون أمامه بغضب يحرق الأخضر واليابس فندفع شقيق روڤان بغضب وهو يشير لغزال باستحقار... 

-انت تعرف الـ


وقبل أن يطلق شتيمة على غزال ويزيد جنون سلطان.. لم يملك سلطان إلا أن ينظر للجمع معتذرًا وهو يضغط على كفها بقوة... 

-أه دي مراتي وأنا أسف ياجماعة بس في سوء تفاهم

مراتي عندها حالة من حالات الصرع وبتتعالج منها

وكانت فاكره اني أنا العريس فا اتجننت وصدر منها حجات مش في وعيها.. أنا فعلا اسف بس دا مرض مش بإدينا حاجه


صرخت غزال بذهول وغضب وهي تقول... 

-انت بتقول ايه


تدخل شادي وهو ينظر لها بغضب لو كان له أثر لكان أحرقها وهو يقول بحدة.. 

-والمرض يخلينا نسامح في الي حصل في خطيبتي دا ياسلطان.. دي بوظت وشها وشعرها وانت تقولي مرض


شهقت غزال وهي تردد خلفه كالبغبغاء... 

-خطيبتك مين! 


جز سلطان أسنانه وضغط على كفها وهو يقول بصوت خافت محذر.. 

-مسمعش صوتك نهـــــــائي.. تروحي العربية تقعدي فيها على ماأجيلك


عيناه تقدحان نيران جعلتها تعود لسيارته التي كانت خلفهم تمامًا تفتحها وتدخلها وتجلس كمن ينتظر حكم الاعدام.. وكالعادة اندفاعها أوقعها في أبشع المواقف إن لم يكن أخطرها بكل تأكيد


وأمامها كان يقف أمام أكثر من خمسة عشر رجلا يقدم لهم تبرير منطقي لما فعلته في سارقة الرجال

ومن الواضح أن فعلتها تلك ستوقعهم في مشاكل لا حصر لها


مر الوقت والجدال لا ينتهي ولازال سلطان يحادثهم ويقدم لهم الاعتذار والتبريرات إلى أن تركوه ودلفوا للحفل أو ما كان حفلًا.. أما سلطان فتجه إلى السيارة وعيناه تقدحان شرًا مستطيرا.. وكأنه ينتظر أن تتحدث لينفجر فيها غيظًا.. فختارت أن تصمت ولا تتفوه بكلمة واحدة كي لا ينتهي بها الأمر ممزقة على يد زوج المستقبل.. سلطان


ولكن خرجت عن صمتها وهي ترى السيارة تسلك طريق منزله لا منزلها فتحدثت بخفوت... 

-انت جايبني بيتك ليه هـ... 


دوت صرخة كالرعد في السيارة جعلتها تنتفض وتنكمش بريبة... 

-قسمًا بعزة جلال الله لو سمعت صوتك في العربية لاندمك على اليوم الي شوفتي وشي فيه.. مش عايز اسمع صووتك فاهـــــــمة 


حركت رأسها بإيجاب تباعًا وهي تراه يضرب عجلة القيادة ويتمتم تمتمات لا تعرف ماهيتها ولكن من الواضح أن الرجل قد جُن


                            ***


كانت جالسة أمام مكتبها تنظر لحاسوبها بذهن شارد

تخطف النظرات لهاتفها الصامت منذ الصباح.. لا منذ أمس.. هشام لم يحادث أمس مطلقًا، ولا حتى عبر رسائل " الواتس آب" منذ أن قالت له أنها تود قضاء يومان اجازة بمفردها التقط اشارتها تلك ولم يتصل بها منذ حينها

نعم هي ألقت له الجملة بنزق كي يرحمها قليلا حينما أيقظها في فجر ذالك اليوم.. ولكن لم تصدق أنه قد ينفذ ماقالته ولا يتصل ليومان كاملان.. وكأنه كان ينتظر كلماتها تلك كي لا يتصل ويريح نفسه عناء لا تعرفه.. ظلت تنظر للهاتف للحظات قبل أن تمسكه للمرة التي لم تعد تحصيها تتفقد سجل الاتصالات أو صندوق رسائلهم.. ولكن لا شيء!.. 


تنهدت وهي تلقي الهاتف أمامها بعنف وتعيد نظرها لحاسوبها تحاول متابعة عملها بهدوء كي تنشغل عن هشام.. وعقلها يحذرها أن حالتها تلك ليست جيدة أبدًا.. وانتظارها لاتصالاته ورسائله لا يبشر بأي خير

وكأنها نسيت كل ماحدث وصدقت كذبة وضعهم

تتصرف وكأنها لا تعرف نهاية ذاك الطريق الذي يسيرون عليه ببطئ وبلا تقدم..بنائًا على فقدانه للذاكرة  يعاملها وكأنها خطيبته الحبيبة وهي مندمجة في ذاك الدور.. رغم أنها تعلم الحقيقة ومدركة أن كل مايحدث ماهو إلا مجرد كذبة مؤقتة إلى أن تعود له ذاكرته ويتخطى الأذى الذي تعرض له

إذًا فأي مشاعر قد تشعر بها ستؤدي بها إلى طريق لن تحبه ابدًا


نظرت لساعة معصمها لتجد أن ساعات العمل انتهت

فوقفت بروتينية شديدة.. اطفأت حاسوبها وجذبت حقيبتها وهاتفها كي تخرج من المكتب بصمت ووجوم لم يعتاده من حولها.. ولكنها لم تأبه..

خرجت من الشركة تسير على قدماها لتعطي نفسها ماسحة تفكير..ورغم أنها كانت تسير بلا هوادة بسبب  انشغالها في تهذيب نفسها وتذكيرها بما سيحل بها إن تصرفت وكأن شيئًا لم يكن

ما ستخسره سيكون أكثر بكثير من ما ستكسبه من تلك العلاقة.. وأول قائمة خسارتها سيكون والدها بلا شك.. لن يقبل أبدًا أن يراها تتورط مع هشام بعد ما حدث، هي تعلم أن والدها يكره هشام بسبب ماحدث

وهي لا تلومه ابدًا ولكن.. ولكن هو لم يرى الجانب الأخر لهشام.. لم يحتك بشخصيته الجديدة بعد فقدانه الذاكرة.. لم يرى هدوئه ولا شخصه المرح في بعض الأحيان.. ولم يسمع أحاديثه الشيقة عن فترة تدريبه في الشرطة أو حتى تجاربه في مقدمة حياته


والدها لم يعش ما عاشته مع هشام في شهرٍ مضى

لم يرى جوانبه الجيدة فليس عدلا أن يحكم عليه بناءًا على ماضي لا يتذكره هشام! 

دهمها خاطرها بتلك المبررات يشجعها على اختلاق الأعذار وتمهيد لطريق قد تسيره مع هشام و.. 


قطع شرودها صوت اتصال.. رفعت الهاتف أمام وجهها لترى اسم المتصل " هشام"

ارتبكت للحظات ومضت دقيقة كاملة قبل أن ترفع الهاتف لأذنها وتجيب... 

-ايوه


جائها صوته الهادئ العميق وهو يقول... 

-مروحتيش ليه! 


تسمرت قدامها لثوان ونظرت حولها تشعر وكأنه عن قرب يراقبها كما الماضي فقالت بذهول... 

-وانت عرفت منين اني مروحتش! 


صمت لثوان قبل أن يقول ببساطة وبديهية.. 

-الصوت الي حواليكي بيقول انك لسه في الشارع

وميعاد الخروج من الشركة عدى عليه وقت


تأوهت بإيجاب وهي تتابع سيرها متغاضية عن كونها تسير في شارع هادئ لا ضجة فيه وقالت... 

-انا مروحة اهو بس بتمشى شوية.. انت صحتك دلوقتي بقت أحسن


-أنا كويس متقلقيش


همهمت بإيجاب قبل أن تقول بتردد... 

-أنا هقفل سلام


-سلام


تابعت سيرها بعدما وضعت الهاتف في حقيبتها وسقطت في بئر الشرود من جديد.. أما على الجانب الأخر أغلق الهاتف وألقاه جواره وهو يتنهد بضيق

لا يدري ما هي المرحلة القادمة معها.. لا يدري إلى أين يسوقهم قدرهم سويًا! 

قطع شروده دخول والدته لغرفته تنظر له بهدوء وتقول... 

-عامل ايه دلوقتي


تفاجأ من وجودها في شقته ودخولها إليها بتلك البساطة فقال بهدوء ذاهل وهو يعتدل في فراشه... 

-كويس.. لكن دخلتي هنا ازاي وانتِ معكيش مفتاح


اقتربت من فراشه وجلست على أحد المقاعد أمامه تضع قدم فوق أخرى وهي تبتسم بهدوء وتقول بنبرة ذات مغزى... 

-مين قالك اني معيش مفتاح.. انت نسيت انك اديتني مفتاح شقتك قبل الحادثة


رفع حاجباه ساخرًا وكتف يداه قائلا... 

-ودا امتى! 


ضحكت وهي تميل على فراشه وتقول ساخرة... 

-دماغك زي البومب ومنسيتش حاجه.. كنت عارفة انه ملعوب يابن بطني شوفتها في عنيك لما جتلك المستشفى وقولت أسايرك يمكن تكون بتعمل حاجه لمصلحتك ، دا أنا امك وافهمك زي خطوط كفي دا.. عامل كل دا لأجل الهانم بتاعتك


لم تتغير ملامحه ولم يهتز هدوئه وهو يقول بهدوء واثق وكأنها لم تحرق أوراقه.. 

-هتفرق معاكي! 


اعتدلت في مقعدها وعادت تضع قدم فوق أخرى وتقول بجمود ورثه عنها بكل تأكيد... 

-مش فارقة معايا أنا.. لكن هتفرق معاك انت

وجه الوقت الي أساومك فيه زي ماعملت من سنين لما حصل موضوع السنيورة بنت ابوك


تجعد وجه وكاد يبصق جواره ساخرًا فزفر وهو يريح رأسه على ظهر الفراش ويتشدق هازئًا... 

-وياترى هتساوميني على ايه يااا ماما


ضحكت ساخرة على غبائه الذي يدعيه وقالت بذات النبرة التي يتحدث بها

-كلك نظر ياروح ماما مش أنت ظابط وبيقولوا حضرة الظابط هشام راح حضرة الظابط هشام جه .. شوف أنت مفروض تعمل ايه.. ولا اقولك هسلها عليك.. هتتجوز البت فاتن وتقعد معايا في الدار

ما أنا مخلفتش وكبرت عشان كل واحد يجريلي ورا واحدة زي الموكوس الكبير


تغضن وجه هشام بحدة وانتفض جالسًا في فراشه وهو يقول بخفوت غاضب.. 

-بتلوي دراعي.. كل الي عايزاه عايزة تعمليه يابالمساومة يابالسحر! 


انقشعت سخريتها ومالت عليه وقد اسود وجهها وأظلمت حدقتاها وهي تقول بخفوت محذرة... 

-لا أنا بحذر بالمساومة الأول.. لكن لوي الدراع بالسحر.. وانت عارف ممكن الهانم بتاعتك دي يحصلها ايه كويس أوي


لأول مره منذ سنوات يضطرب قلبه لتهديد والدته

وبدأت تتغير تعابير وجهه مابين الغضب والحدة.. والخوف.. نعم هو يعلم أن والدته قادرة على فعل كل قبيح وسيئ بالسحر.. ترى كل الحلول فيه وتستعمله في أبسط الأشياء، فلن تتردد في أذية جودي لو حاول الوقوف أمامها

فندفع يقول بغضب... 

-أنا مش عايز اطلقها


-محدش قالك طلقها.. وماله خليها

لكن الرسمية والأولى والأساسية تكون فاتن.. قدامك تفكر لحد ماتفك جبس رجلك.. وأول ماتقوم بالسلامة هتتجوز فاتن وتعملها أكبر وأحسن ليلة في البلد كلها

يا كدا يا إما نمشي بالتدريج بالمساومة الأول.. وبعد كدا نشوف الأسياد هيقرروا ايه


تنهد وهي تقف عن المقعد وتضبط جلبابها قائلة بجمود... 

-واجب امشي دلوقتي عشان الحق ارجع البلد

وهكلمك اشوف رسيت على ايه.. 


ثم تحركت مبتعدة ببرود تخرج من الغرفة ثم تترك الشقة بأسرها وتتركه على فراشه يتلظى بنيران غضبه وحدته.. وحقده عليها يزيد يومًا بعد يوم

والدته هي الوحيدة القادرة على لف حبالها حول عنقه ككلبٍ ضال وتتحكم بمصيره.. ولكن حين يصل الأمر لجودي وتهدده بها لن يقف مكتوف الأيادي وسينهج نهج شقيقه محروس في هذه الحالة..التمرد ولكن مع بعض الذكاء واستخدام طُرق ملتوية تليق بوالدته... وأول خطوة سيبدء بها إشاعة عودة ذاكرته بين الناس.. كي يتخلص من أول جزء.. وهو المساومة


ورغم وصوله إلى أحد الحلول كان غضبه لازال يغلي من والدته التي لا تنفك عن النزاع لتولي قيادة حياته

فلم يمنع نفسه من التقاط الهاتف وقذفه في الباب بعنف وهو يطلق صرخة حادة وهو يرى الهاتف يهبطت قطع متناثرة


في لمحة بصر والدته قادرة على هد كل ما بناه.. كعادتها دائمًا


                            ***

نزلت شخصيتين زى ما اتفقنا محدش يقول قصير او طوويل 😂

تفاعلكم على الفصل دا هو هيحدد فصل بكره

وتشجيعكم ليا

NameE-MailNachricht